ترجمة "ليبانون ديبايت"
كشفت القناة 12 الإسرائيلية في تقريرين متتاليين للصحافي يارون أفرهام والصحافية يونيت ليفي، بُثّا ضمن نشراتها الرئيسية، تفاصيل دقيقة عن دوافع وأبعاد العملية العسكرية الواسعة التي شنّتها إسرائيل مؤخرًا ضد إيران، مترافقة مع اغتيالات ممنهجة طالت علماء إيرانيين كانوا يقودون مشاريع حساسة.
وبحسب ما أوردته القناة، فإن أحد الأسباب المركزية التي دفعت إسرائيل للتحرك عسكريًا بهذا الحجم كان التقدّم المقلق والسريع الذي أحرزته طهران في ما سمّته "مجموعة السلاح النووي". هذا المسار السري للغاية، الذي قادته مجموعة من العلماء الإيرانيين بعيدًا عن أعين المفتشين، شكّل قفزة دراماتيكية جعلت تركيب قنبلة نووية ممكنًا بزمن أقصر بكثير مما قدّره المحللون الإسرائيليون سابقًا.
وأفاد التقرير بأن هذا التطوّر تزامن مع امتلاك إيران 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، إلى جانب بنية تحتية صناعية واسعة تغطي مختلف مراحل البرنامج النووي، ما عزّز المخاوف في تل أبيب من أن زمن "الاختراق" — أي الفترة بين اتخاذ المرشد علي خامنئي قرارًا بالذهاب إلى السلاح النووي والوصول فعليًا إلى القنبلة — أصبح قصيرًا إلى درجة خطيرة. وبسبب هذا التقييم، برزت لدى إسرائيل ضرورة ملحّة لـ"قطع الطريق بسرعة" عبر استهداف كبار القائمين على هذا المشروع، والذين تمّت تصفيتهم بالفعل.
وأوضحت القناة أن عملية اغتيال العلماء، التي جرت متزامنة مع بدء الهجمات الجوية الإسرائيلية داخل إيران، حملت اسمًا تشفيريًا هو "عملية نارنيا". وبحسب ما نقلته، جرى اغتيال تسعة علماء نوويين إيرانيين دفعة واحدة أثناء نومهم في أسرّتهم داخل منازلهم، بهدف منع أي إنذار قد ينتج عن عمليات اغتيال تدريجية. فيما جرى اغتيال عالم عاشر لاحقًا. وأشارت القناة إلى أن هؤلاء العلماء شعروا على الأرجح أن منازلهم آمنة، خاصة بعد أن نُفّذت معظم عمليات الاغتيال السابقة بحق علماء إيرانيين خارج منازلهم أو في سياراتهم. التقرير أكّد أيضًا أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد تابعت هؤلاء لسنوات طويلة، وأمسكت بـ"قبضة استخباراتية مشددة" على حياتهم وتحركاتهم.
كما عرضت القناة مشاهد أرشيفية للغارات الإسرائيلية في قلب طهران، مؤكدة أن العملية كلها جرت بسريّة مطلقة وتنسيق دقيق، ما سمح بإنجاز عمليات الاغتيال في توقيت واحد منع أي عالم من اتخاذ احتياطات مسبقة.
وفي تقرير آخر أعدّته الصحافية يونيت ليفي للقناة نفسها، قدّم اللواء احتياط تمير هايمن، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) والرئيس الحالي لـ"المعهد لدراسات الأمن القومي"، تقييمًا للوضع بعد العملية. وأوضح هايمن أن إيران اليوم ليست دولة على عتبة حيازة السلاح النووي، معتبرًا أن رئيس الأركان الإسرائيلي كان محقًا في تصريحه الأخير بهذا الخصوص، لأن العملية أدت إلى إطالة زمن الاختراق وأبعدت شبح القنبلة النووية الإيرانية مؤقتًا.
وقال هايمن إن الوضع قبل الحرب كان خطيرًا للغاية، إذ لو أعطى خامنئي أمرًا مباشرًا، لكانت الفترة المطلوبة لإنتاج القنبلة أقصر من الوقت الذي تحتاجه إسرائيل للتدخل العسكري. أما بعد العملية، فقد تغيّرت المعادلة، وأصبح لدى إسرائيل وقت أكبر لاتخاذ خيارات دبلوماسية أو عسكرية، حتى لو كان هذا التأخير لا يتجاوز بضعة أشهر. وأضاف محذرًا أن هذا المكسب "مؤقت"، مشيرًا إلى أن إيران ما زالت تملك القدرة على إعادة بناء منشآتها والعودة للتخصيب بسرعة.
وتحدّث هايمن عن نتائج الهجوم الذي دمّر جميع مواقع التخصيب المعروفة، بما في ذلك منشأتَي نطنز وفوردو، حيث "خرجتا عن الخدمة بالكامل"، معترفًا بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية محقّة في قولها إن طهران يمكنها إعادة تأهيل هذه المنشآت خلال أشهر. كما لفت إلى أن إسرائيل دمّرت بشكل كامل أكبر منشأة لتحويل المواد النووية في أصفهان، ما خلق تأخيرًا إضافيًا ملموسًا في المسار النووي الإيراني. وبالنسبة لمخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60% الذي "اختفى" بعد الهجمات، قال إنه كان خاضعًا لرقابة الوكالة الدولية وإسرائيل، إلا أنه بعد العملية لم يعد واضحًا موقعه.
وعند سؤاله عن سبب عدم اندفاع إيران للرد أو استئناف مشروعها النووي بسرعة، أجاب هايمن أن طهران الآن في طور "إعادة التعلّم"، بعد أن خدعت نفسها خلال الحرب حول جاهزيتها، وهي بحاجة لإصلاح ما تضرر وإعادة ترتيب أذرعها العسكرية وشبكة حلفائها في الإقليم.
كما كشف هايمن جانبًا من تنسيق تل أبيب مع واشنطن، معتبرًا أن العملية كانت "عزفًا متناغمًا مثاليًا"، حيث عمل سلاح الجو وشعبة الاستخبارات الإسرائيلية في ذروة مستواهما، وسط تنسيق "غير مسبوق" بين المستوى العسكري والسياسي، مشيدًا بالدور الذي لعبه رئيس الوزراء نتنياهو والوزير درمر في ضمان دخول الولايات المتحدة في العملية بتنسيق عملياتي كامل. واعتبر هايمن أن إدخال قدرات أميركية خاصة في مثل هذه العمليات المشتركة "هو ما يمنحها ميزة حاسمة — وهو ما حدث بالفعل".