تُعتبر الجمارك في لبنان من أبرز مصادر الهدر المالي، على الرغم من أنه كان يفترض أن تكون أكبر مساهم في خزينة الدولة. ومع مرور السنوات، أضحى التهرب الجمركي والفساد في هذا القطاع آفة أثقلت كاهل الاقتصاد اللبناني وأدت إلى خسارة الدولة مليارات الدولارات سنوياً.
وفي حديث لـ"ليبانون ديبايت"، رأى الباحث الاقتصادي والأستاذ الجامعي البروفسور جاسم عجاقة، أن المشكلة الرئيسية تكمن في مرفأ بيروت الذي يُعد بوابة دخول وخروج 70% من البضائع.
وأشارعجاقة، إلى أنه عندما كانت قيمة الاستيراد تقارب 20 مليار دولار سنوياً، كانت خسائر التهرب الجمركي تصل إلى حوالي مليار ونصف دولار سنوياً.
وانتقد عجاقة، تعدد الأجهزة الموجودة في المرفأ، ما فتح الباب أمام خلل رقابي كبير. وأضاف أن بعض الممارسات تُفاقم المشكلة، مثل إدخال بضائع على أنها غير صالحة لتُعفى من الرسوم الجمركية، أو التلاعب بفواتير البضائع لتقليل قيمة الرسوم المستحقة. على سبيل المثال، تُسجّل فواتير بقيمة 100 ألف دولار لبضائع تُباع فعلياً بمئات آلاف الدولارات في السوق اللبنانية، مما يُكبّد الدولة خسائر فادحة.
قدّم عجاقة عدداً من الحلول لمكافحة الهدر في قطاع الجمارك، أبرزها:
-إنشاء قاعدة بيانات مشتركة: بين الجمارك ووزارتي المال والاقتصاد ومصرف لبنان، لمراقبة الأسعار والتحقق من الأرقام الحقيقية للبضائع.
-تعزيز الرقابة: عبر تشكيل جهاز رقابي قوي يغطي كامل المرفأ.
-تفعيل دور هيئة مكافحة الفساد: لمتابعة أعمال الشركات ومراقبة كميات البضائع المستوردة، وضمان دفع الرسوم المستحقة.
-ملاحقة الإثراء غير المشروع: للتحقيق في الثروات التي تحققت بطرق غير قانونية من خلال التلاعب الجمركي واستغلال الأزمة الاقتصادية.
وأكد عجاقة أن هذه الإجراءات قد تشكّل خطوة مهمة في الحد من التهرب الجمركي واستعادة جزء من الثروات المهدورة. كما شدد على أن الحلول يجب أن تكون متكاملة وتبدأ من معالجة الخلل في المرفأ، وصولاً إلى تعزيز الحوكمة والشفافية في كافة القطاعات المرتبطة بالجمارك.