"ليبانون ديبايت"
لا يزال ملف الحدود المتداخلة على امتداد آلاف الكيلومترات بين لبنان وسوريا، عنواناً سياسياً وأمنياً مطروحاً في ورقة الموفد الأميركي توماس برّاك، وذلك لجهة ترسيمها وضبط كل عمليات التهريب عبر عشرات المعابر غير الشرعية. ومع استمرار التحديات الأمنية بسبب هذه المعابر، فإن أكثر من خطوة باتت مطروحة في المرحلة الفاصلة عن الترسيم النهائي، علماً أنه قد سبق وأن تمّ إنشاء أبراج مراقبة أو أرصاد بريطانية في بعض النقاط، بهدف ضبط تهريب الممنوعات بين البلدين.
ومن المعلوم أن هذه الأبراج البريطانية قد أنشئت بين العامين 2019 و2011، ويوضح الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، أن الهدف منها هو مراقبة الحدود الشرقية ما بين لبنان وسوريا، وضبط عمليات هروب إرهابيين أو عناصر "داعش"، عندما تحولت الإنتفاضة في سوريا إلى انتفاضة ذات طابع إسلامي متشدّد، حيث كان الخوف في لبنان من مطاردتهم من قبل الجيش السوري، وهروبهم إلى لبنان.
وفي حديثٍ ل"ليبانون ديبايت"، يشير العميد ملاعب إلى أن المراصد ال4 وضعت في أربع أماكن من عرسال والهرمل إلى رأس بعلبك والقاع، ومهمتها أن تغطي هذه المنطقة وتراقبها، حيث كان اتصال نظري بين كل مرصد وآخر من هذه المراصد الأربعة، لكنها لم تمنع تسلّل إرهابيو "جند الشام" وسيطروا على مركز للجيش اللبناني في عرسال.
وعن دور هذه المراصد اليوم، يقول ملاعب إنه "كبير"، لكنه يؤكد أن التهريب ما زال مستمراً، سواء كان برعاية القوى المهيمنة سابقاً، والقوى المهيمنة حالياً، سواء "حزب الله" أو الجماعات الإسلامية في سوريا، بمعنى أن المهربين أنفسهم الذين استفادوا من الحماية سابقاً، يستفيدون منها اليوم، ولو أن مواقع التهريب قد تغيرت.
وبالتالي، يرى ملاعب أن المراصد ستبقى من دون فاعلية في غياب القرار السياسي وإرادة التنفيذ، والذي يسمح بأن يستفيد الجيش منها ويعالج ما ترصده على الأرض، ما يجعل من ضبط الحدود ممكناً، ليس فقط بالمراصد بل عبر وضع حسّاسات أو "سانسور" على الحدود، متصلة بغرفة العمليات في وزراة الدفاع أو بغرفة عمليات في البقاع أو في الشمال.
لكن ملاعب يطرح وسائل أخرى اطلع عليها من خبراء وتؤمن مراقبة لصيقة وجيدة ، وذلك بوضع مراصد صغيرة ومموّهة تستطيع كشف الداخلين والخارجين إلى لبنان ويتمّ التعامل مع أي تسلل أو تهريب، إذا كانت هناك جدية بوقف التهريب.
ويتوقع ملاعب تراجع التهريب بعد قرار رفع العقوبات عن سوريا لأن مواداً عدة كالمحروقات مثلاً ستكون متوافرة وبأسعار مختلفة في سوريا، كما أن الوصول إلى إلغاء رسوم الجمارك بين البلدين والذي وضع في حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ما يسمح بحصر عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والممنوعات عبر الحدود مع سوريا شمالاً أو بقاعاً.