“ليبانون ديبايت”
عقد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لقاءً في معراب مع عدد من الإعلاميين، أمس الخميس، اتسم بلهجة تحريضية واضحة، عكست محاولة توظيف اللحظة السياسية الدقيقة التي يمر بها لبنان لدفع أجندته الخاصة، مركّزًا على مطلبين أساسيين: نزع سلاح حزب الله، وإعادة فتح ملف قانون الانتخاب بما يتيح انتخاب غير المقيمين وفق قواعد جديدة.
وبحسب ما علم “ليبانون ديبايت”، دعا جعجع الإعلاميين صراحةً إلى الدفع باتجاه هذين العنوانين، معتبرًا أن ملف سلاح حزب الله يجب أن يتصدر الأجندة في المرحلة المقبلة، إلى جانب تعديل قانون الانتخاب بما يسمح للمغتربين بالاقتراع للمرشحين الـ128 وفق مكان قيدهم في لبنان، تمامًا كما المقيمين، بدلًا من حصرهم بستة مقاعد كما ينص القانون الحالي.

المفارقة التي لم يتردد جعجع في إظهارها، كانت إقراره الصريح بأن موافقة القوات اللبنانية عام 2018 على القانون النسبي الذي خصص للمغتربين ستة مقاعد، لم تكن قناعة بل مناورة لتمرير النسبي لا أكثر، قائلاً إنه كان يخطط لتعديله لاحقًا — وهو ما يحاول فعله اليوم مستغلًا هشاشة الوضع السياسي والبرلماني. والأكثر دلالة أنه أقرّ في ذات اللقاء بأن «اقتراع المغتربين يفيد جدًا حلفاء القوات»، قبل أن يضيف بثقة أن حزبه قادر على تحقيق النتائج نفسها حتى في غياب هذا التعديل.
وعلى صعيد العريضة النيابية الرامية إلى تعديل قانون الانتخاب، أشار جعجع إلى أنها حصدت حتى الآن توقيع 62 نائبًا، لكنه شدد أمام الإعلاميين على ضرورة رفع منسوب الضغط السياسي والإعلامي لحثّ نواب إضافيين على توقيعها، بل ودفعهم إلى الإفصاح العلني عن مواقفهم، في ما يشبه محاولة محاصرتهم أمام الرأي العام.

أما على خط التصعيد، فقد كشف جعجع عن استعداد القوات اللبنانية للذهاب أبعد بكثير، عبر ممارسة ضغوط مباشرة على رئيس مجلس النواب نبيه بري، بما في ذلك تنظيم تظاهرات أمام السفارات اللبنانية في الخارج، لدفعه إلى إدراج اقتراح تعديل قانون الانتخاب في الهيئة العامة. وفي رده على أسئلة بعض الحاضرين، أطلق جعجع تلويحًا صريحًا بإمكانية انسحاب وزراء القوات من الحكومة، مؤكدًا أن بقاء حزبه في التركيبة الوزارية ليس ثابتًا، وقال: «نحن جاهزون للانسحاب في اللحظة التي نرى فيها أن الحكومة لم تعد تشبهنا، أو حين نقتنع بأن خدمتنا لقضيتنا من خارجها ستكون أكبر».
وفي خطوة إضافية، كشف جعجع عن نية القوات طرح اقتراح قانون صريح في المجلس النيابي ينص على نزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية، معتبرًا أن ذلك سيحرج النواب المترددين ويجبرهم على كشف مواقفهم الحقيقية علنًا خلال التصويت، قائلاً: «وقتها كل نائب سيضطر إلى أن يُظهر أين يقف فعليًا أمام اللبنانيين».
وهكذا، بدا جعجع في هذا اللقاء وكأنه يلتقط لحظة سياسية مأزومة ليقلب المعادلات، مستخدمًا مزيجًا من الضغط الإعلامي والشعبي، مع حملات منظمة داخل البرلمان وخارجه، من أجل فرض أولويات حزبه على المشهد السياسي، ولو على حساب استقرار المرحلة، في إطار مقاربة تحريضية لا تنفصل عن أسلوب المواجهات القصوى الذي اختاره جعجع لتعزيز موقعه.