كشفت صحيفة «كالكاليست» الاقتصادية الإسرائيلية، في تقرير موسع صدر هذا الأسبوع استنادًا إلى بيانات وزارة العمل الإسرائيلية، أن شمال إسرائيل يشهد انهيارًا واسعًا في سوق العمل نتيجة تداعيات الحرب المستمرة مع حزب الله، والتي دخلت عامها الثاني منذ عملية «طوفان الأقصى».
وأفاد التقرير بأن معدلات التوظيف في بلدات شمال إسرائيل المحاذية للحدود اللبنانية (ضمن نطاق 0–3.5 كيلومترات) انخفضت من 82% في النصف الثاني من عام 2022 إلى 67% في نفس الفترة من عام 2024، مسجلة تراجعًا قدره 15 نقطة مئوية. وجاء هذا الانخفاض أكبر بكثير من التراجع في بلدات «غلاف غزة» جنوب البلاد، حيث هبطت معدلات التوظيف هناك بست نقاط مئوية فقط خلال الفترة ذاتها.
وأرجع التقرير هذا التدهور إلى استمرار الإخلاءات القسرية في الشمال نتيجة تهديدات حزب الله، مما أدى إلى نزوح شبه دائم للسكان وإغلاق العديد من الشركات والمصانع، وانهيار بيئة العمل والخدمات الحيوية، وتحويل المناطق إلى بيئة غير جاذبة للاستثمار والعمل.
وأوضح التقرير أن الفئة العمرية بين 25 و40 عامًا كانت الأكثر تضررًا، حيث تراجع معدل توظيفها من 87% عام 2022 إلى 66% في 2024، وهو تراجع وصفته الصحيفة بأنه "كارثي" لمستقبل الجيل الشاب. كما أشار إلى تراجع فرص توظيف جنود الاحتياط المستدعين وتضرر زوجاتهم مقارنة بزوجات رجال غير مجندين. وأظهر التقرير أن الرجال العرب داخل إسرائيل كانوا الأكثر تأثرًا، وسط استمرار فجوة تعليمية عميقة في مهارات القراءة، ما يزيد من صعوبة اندماجهم في سوق العمل.
ورأى مراقبون إسرائيليون أن الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في الشمال يرتبط بمعادلة الردع التي يفرضها حزب الله منذ سنوات، مؤكدين أن عدم قدرة إسرائيل على حسم المواجهة ميدانيًا أو تأمين استقرار حقيقي في المجتمعات الحدودية يجعل المناطق الشمالية تتحمل الكلفة الاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر.
واختتمت «كالكاليست» تقريرها بالإشارة إلى أن الأزمة في شمال إسرائيل ليست مجرد مشكلة تشغيل مؤقتة، بل أزمة بنيوية طويلة الأمد قد تحول الشمال إلى منطقة طاردة للسكان ورأس المال لعقود، مما يزيد الضغط على صناع القرار في تل أبيب لإيجاد حلول توازن بين الكلفة الاقتصادية والتحديات الأمنية المتزايدة على الحدود مع حزب الله.