المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الخميس 21 آب 2025 - 07:06 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

هل تصدر شهادة وفاة الموقع السنّي الأوّل؟

هل تصدر شهادة وفاة الموقع السنّي الأوّل؟

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني


الانتخابات النيابية المقبلة ليست استحقاقًا عاديًا بالنسبة للطائفة السنيّة، بل معركة وجود سياسي بكل ما للكلمة من معنى. فمنذ انسحاب الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسية، وغياب الرئيسين تمام سلام وحسان دياب، وابتعاد الرئيس فؤاد السنيورة إلى دور الظلّ، وانضمام الرئيس نجيب ميقاتي إلى نادي الرؤساء السابقين، تُركت الساحة السنيّة مشرّعة بلا قيادة.


ومع غياب المرجعية، تحوّل الموقع الأوّل للطائفة، أي رئاسة الحكومة، إلى موقع مهدّد بالتفريغ والتحويل إلى وظيفة إدارية تتحكّم بها القوى الأخرى وفق حساباتها ومصالحها.


وقبل أشهر من موعد الانتخابات النيابية، تظهر المقاعد السنّية مكشوفة امام طامحين يريدون اقتحام المشهد السياسي، وتظهر ايضاً مجموعات متناثرة تبحث عن مقعد نيابي بأي ثمن، والأخطر أنّ الأحزاب غير السنيّة تملأ الفراغ بلا تردّد.


فحزب الله أمسك بالبقاع الشمالي ومدّ نفوذه إلى البقاعين الغربي والأوسط، حيث باتت المقاعد السنّية جزءًا من معادلاته مع حركة أمل. في الجنوب أيضًا، الأصوات السنّية تُرهن كليًا لمعادلات الثنائي الشيعي.


القوات اللبنانية من جهتها، عيونها شاخصة على البقاع الأوسط وزحلة حيث الفراغ السنّي يسمح لها بمدّ نفوذ انتخابي أكبر، فيما الناخب السنّي يُستَعمل للتوازن أكثر مما يُحسب كقوة سياسية بحد ذاته.


وفي عكّار، حيث كان يُفترض أن تكون الخزان الأوّل للقرار السنّي، تتحوّل المعركة إلى تقاسم نفوذ بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، مع تراجع حضور القرار السنّي الموحّد. أما في صيدا وجزين، فالمعادلات تتغيّر يوميًا على وقع تحالفات تُعقد وتُفكّ من دون أي اعتبار لدور المرجعية السنّية.


أما في بيروت، فيبرز حراك سياسي شرعي جدي يقوده النائب فؤاد المخزومي، الذي يحاول إعادة تنظيم البيت الداخلي السنّي وتقديم خطاب جامع يملأ بعضًا من الفراغ الحاصل. هذا الحراك يُعوَّل عليه من شريحة واسعة من الناخبين الباحثين عن بديل يحفظ دور العاصمة كمرجعية سياسية مركزية للطائفة.


في هذا المشهد، يقف الرؤساء السابقون موقف المتفرّج. ميقاتي إذا لم يتحرّك في طرابلس والشمال سيتحوّل سريعًا إلى رئيس سابق بلا تأثير. السنيورة إذا اكتفى بالتعليق من بعيد سيبقى صوتًا بلا قاعدة. اما تمام سلام بغيابه الكامل خرج من المعادلة، وحسان دياب لم يملك أصلًا أدوات الزعامة. أما نواف سلام، فرئيس حكومة بحكم الدستور لا بحكم الزعامة الشعبية، ما يجعله مكشوفًا بلا غطاء سياسي أو انتخابي.


إذاً المعادلة واضحة، إمّا أن يتصرّف الرؤساء السابقون كقوة جماعية تخوض الانتخابات المقبلة بروح إنقاذية وتضع حدًا لاستباحة الساحة، وإمّا أن يوقّعوا بأيديهم شهادة وفاة الموقع السنّي الأوّل في الدولة. وحينها لن تبقى رئاسة الحكومة ملكًا لأهلها، بل تتحوّل إلى ورقة تفاوض بين الآخرين يوزّعونها كما يشاؤون.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة