ومع ذلك، لم يأخذ أي من القضاة الذين عرض عليهم الملف بهذه الضمانات القانونية، بل على العكس، سُجّلت بحقه ثلاث مذكرات توقيف متتالية، رغم الوضع الصحي الدقيق الذي ألمّ به، والذي استدعى نقله مرارًا بين مستشفيات عدّة. كما تجاهل القضاء — حتى تلك اللحظة — التقارير الطبية التي بيّنت حالته الصحية، ما أثار علامات استفهام واسعة حول تطبيق مبدأ العدالة وحق الدفاع وشرعية التوقيف.
مؤخرًا، وفي محطة جديدة من هذا المسار القضائي المثير للجدل، أصدرت قاضية التحقيق في بيروت بالتكليف رولا صفير مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة على خلفية الدعوى المقدمة ضده من رجل الأعمال الأردني طلال أبو غزالة، وذلك بالرغم من صدور قرار سابق عن القاضي بلال حلاوي بمنع المحاكمة في هذا الملف.
غير أنّ دفاع سلامة استأنف قرار صفير أمام الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي نسيب إيليا، الذي أصدر الخميس الماضي قرارًا قضى بفسخ قرار التوقيف وإخلاء سبيل سلامة مقابل كفالة مالية قدرها مليارا ليرة لبنانية.
ورغم طول المسار ووطأة التوقيف، يمكن قراءة ما حصل كخطوة أولى في مسار «تصحيح البوصلة»، إذ جاء قرار الهيئة الاتهامية مستندًا إلى تقييم قانوني أكثر توازنًا.
فهل يكون هذا القرار بادرة لتعامل أكثر عدلًا مع ملفات رياض سلامة؟ وهل بدأ القضاء اللبناني يستعيد عافيته، فينظر إلى القضايا الشائكة بما تفرضه الأصول والقوانين لا وفق الحسابات السياسية والشعبية؟
أسئلة تبقى مفتوحة في انتظار ما ستكشفه الأسابيع المقبلة.