في هذا الإطار، عبّرت رئيسة رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي، الدكتورة نسرين شاهين، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، عن صدمة كبيرة من طريقة تعاطي وزارة التربية، ممثلةً بالوزيرة ريما كرامي، مع ملف المتعاقدين، ووصفتها بأنها "أكثر من مجرّد إهمال، بل قرارات مقصودة للإقصاء والإفقار"، مؤكدةً أن الرابطة "لن تسكت عن هذا التمييز الممنهج".
375 دولاراً طارت مع أول توقيع وزاري
وأضافت: "فور تولّي الدكتورة ريما كرامي وزارة التربية في حكومة 'الإنقاذ والإصلاح'، توقّف دفع بدل الإنتاجية البالغ 375 دولارًا شهريًا للمتعاقدين، وهو مبلغ كان يُصرف حتى خلال العطلة الصيفية. الوزيرة برّرت هذا التوقف باعتماد نظام مالي جديد، لكن الرابطة، استنادًا إلى الأرقام، أكدت أن المتعاقدين خسروا بين 50 و150 دولارًا شهريًا طوال العام الدراسي، ناهيك عن خسارة المبلغ بالكامل في فصل الصيف".
وتابعت: "مع استمرار التسويف والتعنّت، لجأ أكثر من 3 آلاف أستاذ متعاقد إلى الإضرابات والتظاهرات، ما استدعى تدخّل رئيس الحكومة الذي وعد بإنصافهم. لكن ما تلا هذا التدخل شكّل صدمة إضافية، إذ تبيّن أن وزارة التربية رفعت دراسة مالية تطلب ما يفوق 100 مليون دولار، في حين أن التكلفة الفعلية للمساعدة المطلوبة لا تتجاوز 7 ملايين دولار ولمرة واحدة فقط، بحسب ما نُقل عن وزير المالية ياسين جابر".
“تعويضات صيفية” للملاك... والمتعاقدون خارج الحسابات
وأكدت شاهين أن وزيرة التربية لم تكتف بحرمان المتعاقدين من بدل الإنتاجية، بل مضت في صرف "تعويضات صيفية مؤقتة" تحت مسمى "بدل إنتاجية" للمستخدمين والأساتذة الملاك، الذين لا يداومون أصلًا خلال فصل الصيف. في المقابل، حُرم المتعاقدون من أي دعم، رغم أنهم يعملون بموجب عقود مياومة.
وأضافت: "الوزيرة تتحدّث عن إنجازات خلال أول مئة يوم من عملها، بينما رفضت استقبال الآلاف من الأساتذة الذين قصدوا المؤسسات العامة لمقابلتها. لقد تجاهلت أصواتهم وحقوقهم، وكان 'أبرز إنجازاتها' هو سلب 14 ألف متعاقد آخر ما تبقى لهم من دعم".
مجلس النواب يقرّ مساعدات... والوزارة تلتزم الصمت
وأشارت شاهين إلى أنه "في الوقت الذي أقرّ فيه مجلس النواب اقتراح قانون بفتح اعتماد إضافي لمنح مساهمة لصندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية لتغطية المساعدات الاجتماعية والصحية، ووُضع اقتراح آخر على جدول أعمال المجلس يرمي إلى زيادة تعويضات الإدارة للمدراء، تغيب وزيرة التربية عن أي مبادرة جدّية لطرح ملف المتعاقدين على جدول أعمال الحكومة".
وتُضيف: "من المعيب أن يُحرم الأساتذة المتعاقدون من أبسط أنواع الدعم، بينما تُوزّع البدلات على باقي العاملين في القطاع التربوي. هذا ليس مجرد تمييز... إنه قرار غير معلن بتصفية المتعاقدين، الذين يشكّلون أكثر من 80% من الكادر التعليمي في المدارس الرسمية".
إلى المسؤولين: الصمت تواطؤ
وشدّدت شاهين على أن "الصمت حيال ما يجري لم يعد يُحتمل، ولم يعد يُعدّ حيادًا بل تواطؤًا صريحًا. السكوت عن الظلم هو مشاركة فيه".
وتساءلت: "هل يُعقل أن يحتفظ الجميع بمكتسباته، من مدراء وأساتذة ملاك وهيئات جامعية ومستخدمين، بينما يُداس على كرامة المتعاقدين وحدهم؟ هل بات المطلوب تصفية هذه الفئة بالكامل من الجسم التربوي؟".
وختمت بالتأكيد على أن الرابطة "ماضية في كل المسارات الدستورية والقانونية، ولن تتوانى عن رفع الصوت، لأن المتعاقدين ليسوا الحلقة الأضعف، بل الحلقة التي لم يعد لديها ما تخسره".
فهل تظن وزيرة التربية أنّ بإمكانها تجاهل آلاف الأساتذة من دون محاسبة أو مساءلة؟ الأيام المقبلة كفيلة بكشف ما إذا كان هذا النهج سيستمر... أم أن صوت المتعاقدين سيقلب المعادلة.