جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء أمس الإثنين، خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، تلميحاته إلى مخططات تهجير سكان غزة إلى دول مجاورة، في إطار مقترحات متكررة كان قد طرحها منذ الأيام الأولى لتوليه منصبه.
وخلال مأدبة عشاء جمعت الطرفين، أكد نتنياهو أن إسرائيل والولايات المتحدة "تعملان مع دول أخرى من شأنها أن تمنح الفلسطينيين مستقبلاً أفضل"، في إشارة إلى دول محتملة لاستقبال سكان غزة، وقال: "إذا أراد الناس البقاء، فبإمكانهم ذلك، لكن إذا أرادوا المغادرة، فيجب أن يُمنحوا حرية المغادرة"، مضيفاً: "أعتقد أننا نقترب من إيجاد دول عدة".
من جانبه، قال ترامب إن الدول المحيطة بإسرائيل "تقدم المساعدة"، مضيفاً: "نحظى بتعاون كبير من الدول المحيطة... لذا سيحدث أمر جيد"، في تلميح إلى موافقة ضمنية على مبدأ التهجير، رغم الرفض العربي والدولي الواسع له.
وكان ترامب قد أعاد طرح هذه الفكرة مراراً منذ كانون الثاني 2025، أي بعد أيام قليلة من عودته إلى البيت الأبيض، حيث دعا إلى أن تستقبل الأردن ومصر الفلسطينيين من غزة، واعتبر أن قطاع غزة "كان مكاناً سيئاً ويجب أن يتحول إلى منطقة حرية".
واستتبع ذلك ردود فعل عربية ودولية منددة، إذ وصفت الأطراف الفلسطينية والدول العربية وخبراء حقوق الإنسان تلك الخطة بأنها تصل إلى مستوى "التطهير العرقي"، ورفضت كل من القاهرة وعمان المقترح بشكل رسمي، رغم إصرار ترامب على أنه يتوقع موافقتهما.
وعند سؤاله عن إمكانية حل الدولتين، قال الرئيس الأميركي: "لا أعرف"، محيلاً السؤال إلى نتنياهو الذي أكد مجدداً رفضه لقيام دولة فلسطينية مستقلة، قائلاً: "الفلسطينيون يمكنهم حكم أنفسهم، لكن دون أي صلاحيات تهدد إسرائيل. السلطة السيادية، كالأمن، ستبقى دائماً في أيدينا".
وأضاف نتنياهو أن هجوم حركة حماس على إسرائيل في ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣ "دليل على ما قد يفعله الفلسطينيون في حال قيام دولة لهم"، معتبراً أن إقامة دولة مستقلة ستكون "منصة لتدمير إسرائيل"، وفق تعبيره.
ويأتي هذا اللقاء بين ترامب ونتنياهو وسط رفض عربي متجدد لخطة التهجير، إذ كانت المجموعة العربية الإسلامية ووزراء خارجية عدة دول قد أعلنوا رفضهم "القاطع" لأي محاولة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، مجددين التمسك بحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧.
كما كانت القمة العربية في آذار الماضي قد أقرّت خطة مصرية لإعادة إعمار غزة بتكلفة ٥٣ مليار دولار، تهدف لتثبيت السكان في أرضهم، ورفضتها كل من واشنطن وتل أبيب آنذاك.
ورغم الدعم الأميركي التقليدي لحل الدولتين، فإن سياسات إدارة ترامب الحالية تُثير مخاوف من نسف الأسس التفاوضية التقليدية للقضية الفلسطينية، وفرض حلول مرفوضة شعبياً ورسمياً في المنطقة.