المحلية

placeholder

عبد الله قمح

ليبانون ديبايت
الجمعة 11 تموز 2025 - 07:05 ليبانون ديبايت
placeholder

عبد الله قمح

ليبانون ديبايت

لندن تُنشّط إقتراحها جنوباً: الكاميرات بدلاً من البنادق

لندن تُنشّط إقتراحها جنوباً: الكاميرات بدلاً من البنادق

"ليبانون ديبايت"- عبدالله قمح


لا تنتهي الأفكار المتعلقة بتوفير ظروف لـ"فضّ الاشتباك” بين لبنان وإسرائيل. وهذه المرة، يُعاد إحياء مقترحات قديمة بصيغة جديدة، أبرزها إنشاء أبراج مراقبة على طول الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، بتمويل من الحكومة البريطانية، على غرار ما أُنجز بين أعوام 2011 و2019 على الحدود الشرقية مع سوريا.


بخلاف ما كان عليه الأمر سابقاً، يُطرح هذا العرض اليوم بطريقة شبه رسمية، حيث تولّى وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي طرح الفكرة خلال زيارته قصر بعبدا الأسبوع الماضي، نيابةً عن الحكومة البريطانية. ورغم أن لامي اكتفى بطرح “أفكار” دون صيغة رسمية مكتوبة، فإن ما فُهِم لبنانياً هو أن بريطانيا جدّية في هذا المسعى، وتنتظر إشارة من الدولة اللبنانية، وقد أبدت استعدادها للبدء فور صدور قرار رسمي من بيروت.


بالنسبة إلى الجانب اللبناني، لا تزال القضية في إطار الأفكار.


يدرك المسؤولون اللبنانيون جيداً أن قضية إنشاء الأبراج البريطانية قد تفتح الباب أمام صراع داخلي بين مكوّنات الجنوب الاجتماعية والسياسية وإستطراد مع الدولة اللبنانية، فضلاً عن احتمالات تولُّد نظرة معادية لهذه الأبراج. ووفقاً للاقتراح الشفهي البريطاني، فإن مجموعة الأبراج المزمع إنشاؤها ستكون مزوّدة بكاميرات وأجهزة استشعار متطوّرة وعالية الدقة، وستُقام على الأراضي اللبنانية الواقعة عند “الحافة” للقرى الحدودية الأمامية، وهي المنطقة التي حوّلتها إسرائيل إلى ما يشبه “منطقة عازلة شبه محتلة” تتحرك فيها كما تشاء. وستكون حماية هذه الأبراج من مسؤولية الجيش اللبناني، الذي سيُطلب منه إنشاء مواقع عسكرية في محيط كل برج.


سبق أن طُرحت هذه الفكرة في السنوات الماضية تحت عنوان “تأمين الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة”، أو كبديل جزئي لقوات اليونيفيل، من خلال تقليص عديدها، وتوسيع دور الجيش اللبناني، وسحب حزب الله من جنوب الليطاني. أحد أبرز تلك الطروحات برز خلال معركة “الإسناد” التي أطلقها حزب الله بين عامي 2023 و2024، حين طُرحت المبادرة البريطانية على قاعدة وقف القتال وتطبيق القرار الأممي 1701 بما يشمل إنسحاب الحزب من جنوب نهر الليطاني، مقابل أن تتولّى بريطانيا (بالتعاون مع ألمانيا) تمويل إنشاء الأبراج وتوفير مظلة أمنية جديدة. غير أن حزب الله عارض المبادرة بشدّة، واعتبرت الحكومة اللبنانية آنذاك أن الظروف لم تكن ناضجة، فيما رأت قيادة الجيش أن المشروع صعب التنفيذ.


اليوم، يُعاد طرح المشروع في ظل ظروف مختلفة. فقد تغيّرت المعطيات الجيوسياسية جنوباً، خصوصاً في القرى الواقعة على “الحافة الأمامية”، حيث تسعى بريطانيا إلى إنشاء أكثر من 20 برج مراقبة. ويستند البريطانيون إلى أن حزب الله لم يعد يمتلك وجوداً مسلحاً معلناً في هذه المنطقة، باعتراف الحزب نفسه والدولة اللبنانية. كما أن إسرائيل عمدت إلى تحويل الشريط الحدودي إلى ما يشبه “منطقة عازلة” غير مأهولة، ما يجعل إنشاء الأبراج أكثر قابلية للتنفيذ.


ويعتقد متابعون أن الطرح البريطاني هذه المرة أكثر جدّية من أي وقت مضى. وتقول أوساط بأن "الأنكليز" يحاولون إغراء الحكومة اللبنانية مقابل القبول بالمقترح.


يرى أصحاب الطرح “القديم – الجديد” أن التوقيت مناسب لتسويق الفكرة، خاصة في ظل غياب حزب الله عن نقاط التماس. بل إن بعض المراقبين يعتبرون أن المنطقة الآمنة التي تعمل إسرائيل على إنشائها جنوباً، والتي تُعد بمثابة اقتطاع لأراضٍ لبنانية وتحويلها إلى منطقة محتلة ومنزوعة السلاح، تتيح عملياً تنفيذ المشروع. من هذا المنطلق.


يقول مصدر معني، أن بريطانيا كانت قد أرسلت خلال الأعوام السابقة، تجهيزات خاصة بإنشاء الأبراج، جرى تخزينها لدى الجيش اللبناني بعد تعذّر التوصل إلى توافق سياسي آنذاك لنشرها جنوباً، فحُفظت كـ”قطع غيار” للأبراج المنشورة شرقي البلاد، تحسّباً لأي تطوّر.


وكان وفد بريطاني قد زار بيروت مطلع عام 2024، ضمّ مسؤولين في قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانية، إضافة إلى ضابط عسكري رفيع. وقد التقى الوفد بعدد من المسؤولين العسكريين اللبنانيين، وطلب موافقة الحكومة التي كان يرأسها نجيب ميقاتي على نشر نحو 20 برجاً ممولة من حكومة "صاحب السمو"، على امتداد يفوق 100 كيلومتر، بدءاً من القطاع الغربي، تزامناً مع وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وانسحاب الحزب من المنطقة.


وتضمّن الاقتراح حينذاك البدء بإنشاء أبراج في مناطق مثل الناقورة و اللبّونة وصولاً إلى مشارف مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، تبدأ بعشرة أبراج موزّعة بين القطاعين الغربي والشرقي، تُدار من قبل الجيش، بمساعدة ضباط بريطانيين أو من اليونيفيل. غير أن العقبة الأبرز تمثلت في موقع مركز تجميع بيانات المراقبة، حيث أصرّ الجيش على أن يكون داخل الأراضي اللبنانية، وتحديداً ضمن منشآته، مع السماح لخبراء دوليين بالإشراف على "الداتا". في المقابل، اقترح الجانب البريطاني اعتماد نفس الآلية المعتمدة عند الحدود الشرقية.


حالياً، يُستعاد هذا الطرح مرفقاً بفكرة زيادة عديد الجيش اللبناني. ويجري الحديث عن استكمال تشكيل “الفوج النموذجي” المكلف بالعمليات في قطاع جنوب الليطاني، أو حتى إنشاء أفواج حدودية جديدة تتولى هذه المهمة. لكن العقبة الأساسية تبقى في نقص التمويل، واعتماد لبنان على دعم دولي غير متوافر حتى الساعة.


بموازاة ذلك، بدأ التداول بأفكار جديدة، وُصِفت بـ”العصرية”، تتعلق بإعادة هيكلة قوات اليونيفيل وفق صيغة معدّلة، لا تتطلب بالضرورة تعديل طبيعة مهمتها، بل تقليص عديدها تدريجياً، بالتوازي مع المباشرة في إنشاء الأبراج. كذلك يُعاد طرح خيار إنشاء قوة متعددة الجنسيات تتولّى جزءاً من مهمة المراقبة في الجنوب، كبديل جزئي أو مستقبلي عن اليونيفيل الحالية. يحدث ذلك قبل حوالي 20 يوماً من موعد التجديد السنوي لقوات "اليونيفيل".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة