رمى خبر فوز بنك القاهرة – عمان بالمزايدة على رخصة "البنك السعودي -اللبناني (المملوك من بنك البحر المتوسط)، حجرا في مياه الأزمة المصرفية الراكدة في لبنان منذ 6 سنوات، لجهة السؤال عن الفائدة من دخول مصرف جديد إلى القطاع المصرفي في هذا التوقيت، حيث الضبابية تلف مصير قانون إصلاح المصارف في مجلس النواب، ولم تنجز الحكومة قانون الفجوة المالية بعد، ولم ينفذ لبنان الإصلاحات المالية المطلوبة منه.
هناك تفسيران حول سبب حصول هذه الصفقة، والتي بلغت 17.5 مليون دولار، الأول أن التسويف الذي تمارسه الدولة اللبنانية وجمعية المصارف في إيجاد الحل لإخراج القطاع المصرفي من أزمته، سمح لمستثمرين جدد بحجز مكان لهم في السوق اللبناني، بإنتظار إيجاد حل للأزمة. بينما التفسير الثاني يعتبر أن الحديث عن رغبة مصرف معين بدخول السوق اللبناني لأسباب تجارية، يمكن أن يكون منطقيا لو أن الجهة الشارية هي مصرف عالمي، وأن الصفقة تمت بعد دراسة جدوى للسوق وغيرها من الإجراءات التي تتخذ في مثل هذه الحالات.
أسئلة عن هدف الصفقة!
يعتبر مصدر متابع ل"ليبانون ديبايت" أن "هناك علامات إستفهام حول الصفقة، وأسئلة مشروعة يمكن طرحها حول مبررات عملية الإستحواذ التي حصلت، خصوصا أننا لا نعرف ما هي متطلبات رأس المال التي يجب على أي مصرف جديد تأمينها، لأن مصرف لبنان لم يحددها، فكيف يمكن لمصرف جديد الدخول إلى السوق، من دون أن يعرف ما هي الإحتياجات المالية المفروضة التي تسمح بمزاولة عمله المصرفي، وما هو الإحتياطي الإلزامي الذي يجب تأمينه وما هو حجم رأسماله؟. هذه الأسئلة هي التي تحدد قرار أي مصرف تجاري بالدخول الى سوق معين أم لا. لذلك السؤال الأساسي الذي يطرح، هل الأموال التي خرجت من القطاع المصرفي في بداية الأزمة، بدأت تعود إلى القطاع بأشكال مختلفة؟".
الصباح: الصفقة حولت "السعودي– اللبناني" إلى بنك مميز ضمن قطاع مصرفي مزري
في حديث مع رئيس مجلس إدارة البنك اللبناني السويسري تنال الصباح شرح ل"ليبانون ديبايت"، أنه "يتم حاليا التفاوض النهائي على شراء بنك القاهرة – عمان للبنك السعودي – اللبناني بقيمة 17.5 مليون دولار، وحاليا تقوم الجهة الشارية بإجراءات إدارية معينة (التأكد من قيمة الأصول التي يملكها المصرف والتي تبلغ ما يقارب مليونان دولار)، ونستنج من ذلك أن ثمن الرخصة المصرفية النظيفة في لبنان هي 15 مليون دولار".
يضيف:"ربما أحد العوامل للدخول إلى السوق اللبنانية الغامضة، هو أن المساهم الاساسي في بنك القاهرة – عمان، السيد صبيح طاهر المصري سبق له الإقامة في لبنان، ويريد الدخول إلى السوق المصرفي اللبناني، في ظل التعثر المصارف اللبنانية بحيث يصبح البنك المميز الذي لا سؤال عليه، في ظل الوضع المزري للمصارف اللبنانية"، لافتا إلى أن "هناك إستفسارات كثيرة من مستثمرين أجانب يرغبون دخول السوق المصرفي اللبناني، إلا أن حالة الضياع التي تفرض نفسها على البائع والشاري، تؤخر البحث الجدي في مثل هذه العمليات، ريثما يتم الحل النهائي لأزمة المودعين".
يرى الصباح أن "هذه الصفقة تظهر أن الدولة اللبنانية، التي ترفع شعار قدسية الودائع، بينما المسؤولين فيها كانوا شاهدين ومشاركين في تبديد المال العام، ولا يملكون الجرأة في مواجهة المودعين وقول الحقيقة لهم. ويبدو أن جمعية المصارف تستحسن أسلوب حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، والذي يرمي إلى تذويب أموال المودعين بمرور الزمن، إما بالتضخم أو بسحبها على سعر 15 ألف ليرة للدولار الواحد"، معتبرا أن "هذا الأمر مؤسف ويثير الريبة لأن "الشبح" الذي يسيطر على القرار المصرفي، يتسبب بخلق أزمة غير واضحة للجميع وهي بتبديد أموال المودعين، لأن أكثر المصارف في حالتها الحاضرة، تتكبّد مصاريف تشغيلية يفوق مدخولها الفعلي بأضعاف، ما يعني أن إستمرار هذه الحالة من الإفلاس في أخذ القرار، تبدّد الأموال الفريش في المصارف على مصاريف تشغيلية".
مذكرا أن "الحاكم كريم سعيد طرح حل لأزمة المصارف، من خلال فصل الدين السيادي للدولة عن الودائع، ولكن يبدو أن صندوق النقد لم يوافق على هذا الطرح إلى الآن، لأنه يعتبر أن أموال المودعين متعلقة بالدين السيادي لأن مصرف لبنان أقرض الدولة 16 مليار دولار. وهذا يعني أن قسم من الأموال التي على المصارف ردها للمودعين موجودة عند الدولة(10 مليار سندات اليوروبند)، وقسم من أموال مصرف لبنان (16 مليار دولار) دين على الدولة أيضا".
غبريل: لا يمكن الجزم بأن الصفقة ستفتح الباب أمام دخول مستثمرين جدد
من جهته يشرح الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل ل"ليبانون ديبايت"، أن "سعر الرخصة المصرفية في لبنان، يتم تحديدها وفقا للمفاوضات بين الشاري والبائع ولا يحددها قانون النقد والتسليف، وصفقة بيع البنك السعودي– اللبناني هي صفقة جيدة للبائع، في حال كان الهدف التحضير للدخول الى القطاع المصرفي اللبناني، حين تنتظم أوضاع القطاع "، معتبرا أنه "لكن لا يمكن الجزم بأن هذه الصفقة ستفتح الباب واسعا أمام دخول مستثمرين جدد إلى القطاع المصرفي لسبب أساسي، هو كيف يمكن لمستثمر أن يأتي إلى لبنان في ظل عدم وجود خطوة ملموسة نحو إصلاح القطاع المصرفي؟".
ويشدد على أنه "إلى اليوم لا زلنا في مرحلة الكلام، عن ضرورة تطبيق الإصلاحات فقط، صحيح أن هناك مشروع قانون في مجلس النواب يناقش حول إصلاح القطاع المصرفي، لكن من غير المعروف متى سيتم التصويت عليه. وهناك قانون تحديد مصير الودائع الذي لم ينجز بعد، وهناك خطوات إصلاحية أخرى مطلوبة لعودة الانتظام المالي، منها مكافحة إقتصاد الظل وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة، لحذف لبنان عن اللائحة الرمادية لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب وعلى اللائحة السوداء المالية للإتحاد الأوروبي".
ويختم:"صحيح أن هذه الصفقة تعني أن هناك مصرفا جديدا، يمكن أن يستقطب أموالا يتردد أصحابها في وضعها في المصارف اللبنانية، لكن الجو العام المحيط بالقطاع المصرفي اللبناني غير مشجع للإستثمار، وربما هذه الصفقة تكون مرحلة تحضير لإطلاق مصرف جديد بعد إستتباب الوضع المصرفي في لبنان".