تواصل فرق الإطفاء السورية، بمؤازرة من فرق إغاثية عربية ودولية، جهودها المضنية للسيطرة على سلسلة من حرائق الغابات التي تضرب جبال الساحل السوري منذ عشرة أيام، وسط ظروف مناخية وأمنية شديدة التعقيد، وحرائق توصف بأنها من الأكبر في تاريخ المنطقة.
واندلعت الحرائق في نقاط متعددة وصعبة الوصول ضمن سلاسل جبال اللاذقية، مدمرة حتى الآن أكثر من 15 ألف هكتار من الأحراج والأراضي الزراعية، ما أدى إلى نزوح عشرات العائلات في ريف اللاذقية الشمالي، وتعليق الحركة التجارية عبر معبر كسب الحدودي بعد تمدد النيران إلى أطرافه.
ووفق بيان غرفة عمليات الطوارئ في اللاذقية، فإن النيران ما زالت نشطة في مناطق جبل النسر وغابات كسب، حيث توسعت الحرائق بفعل الرياح الجافة ووعورة التضاريس، وسط تحديات أمنية تتعلق بمخلفات الحرب والألغام المنتشرة في بعض المحاور، ما يزيد من صعوبة عمليات الإطفاء.
وقال مصدر في الدفاع المدني السوري إن فرق الإطفاء تمكنت من احتواء بعض البؤر في محور قسطل معاف – كسب، عبر فتح خطوط نارية وعمليات عزل داخل الغابات، بمؤازرة جوية شملت طائرات إخماد ومروحيات، بينما تستمر فرق متخصصة في العمل على منع توسع النيران مجددًا.
وفي سياق متصل، أعلنت السلطات التركية إغلاق معبر كسب الحدودي من جانبها بشكل مؤقت بسبب قرب النيران من منطقة المعبر، وسط تجدد الحرائق بعد ظهر أمس على محاور برج زاهية والفرنلق ونبع المر، رغم الجهود المستمرة لأكثر من 150 فريق إطفاء و16 طائرة تابعة لسوريا والدول الداعمة.
ووصل اليوم السبت إلى مطار حلب الدولي فريق ميداني قطري مؤلف من أكثر من 100 عنصر من "لخويا" والدفاع المدني القطري، إضافة إلى فرق بحث وإنقاذ دولية وقوى جوية، تضم 35 متخصصًا في إدارة العمليات الجوية، وفريق طبي، ضمن أكبر مشاركة إنسانية قطرية في سوريا منذ سنوات.
وأفادت الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا أن قطر أرسلت ثلاث طائرات مساعدات، من أصل ست، محمّلة بمعدات إطفاء، ومروحيتين عسكريتين مخصصتين لإخماد الحرائق، فضلًا عن آليات إسعاف ودعم لوجستي.
ورحّب وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري، رائد الصالح، بهذه المساهمة الإنسانية، وكتب في منشور عبر منصة "إكس": "نشكر دولة قطر على هذه المشاركة النبيلة التي تعبّر عن عمق الروابط الأخوية بين الشعبين السوري والقطري".
وفي إطار تنسيق إقليمي واسع، تشارك فرق إطفاء برية وجوية من لبنان والأردن وتركيا، بالإضافة إلى فريق عراقي مرتقب، في تنفيذ عمليات مشتركة لإخماد النيران، بالتعاون مع فرق سورية مدرّبة على التعامل مع هذا النوع من الكوارث.
وأشار الوزير الصالح إلى أن فرق الطوارئ تعتمد على أساليب متقدمة لعزل النار وإنشاء خطوط قطع ناري لمنع تمددها، مؤكدًا أن الطبيعة الصعبة للمنطقة، ووجود الألغام ومخلفات الحرب، بالإضافة إلى تبدّل الرياح واتساع رقعة الشرر لمئات الأمتار، تشكل عوائق أمام السيطرة الكاملة.
وأفاد الدفاع المدني السوري بأن العمليات تتركز على ثلاثة محاور رئيسية: غابات برج زاهية، وغابات الفرنلق، ومنطقة نبع المر قرب كسب، مشيرًا إلى أن هذه المواقع تُعد من أصعب المحاور ميدانيًا بسبب الكثافة الحرجية وضيق المسارات المؤدية إليها.