أثار مشهد إحراق مقاتلي حزب العمال الكردستاني لأسلحتهم، أمس الجمعة، في كهف جبلي قرب مدينة السليمانية، تساؤلات واسعة حول مصير هذه الأسلحة وما إذا كانت تمثّل نهاية فعلية للصراع الممتد منذ نحو خمسة عقود بين الحزب والدولة التركية.
العملية، التي جرت في كهف "جاسنة" على بعد نحو 50 كيلومترًا غربي السليمانية، جاءت في إطار مراسم رمزية ضمن عملية تفاوض جارية بين "الكردستاني" وأنقرة، وسط حضور وفود كردية وعراقية وأوروبية، ومواكبة إعلامية لافتة.
ووفقًا لمصادر لقناتي "العربية.نت" و"الحدث.نت"، كان من المفترض نقل هذه الأسلحة، أو ما تبقى منها بعد حرقها، إلى متحف رسمي في شارع سالم بمدينة السليمانية، إلا أن القرار تغيّر لاحقًا، وتقرّر الاحتفاظ بها في كهف جاسنة نظرًا لما يحمله من دلالات تاريخية في الذاكرة الكردية.
ويُعد الكهف من أبرز المعالم الأثرية في منطقة دوكان، وكان قد تمركز فيه القائد الكردي محمود الحفيد عام 1923 بعد قصف بريطاني على السليمانية، كما أنه شهد طباعة أول عدد من صحيفة "نداء الحق" الكردية في 2 آذار من العام ذاته. وشكل ملاذًا لاحقًا لمقاتلين من حزبي الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني خلال صراعاتهم مع النظام العراقي في العقود الماضية.
وأفادت المصادر بأن قسمًا من الكهف سيُخصص ليكون مزارًا وموقعًا تذكاريًا للأسلحة المحترقة، كجزء من توثيق عملية السلام والمصالحة، وضمن محاولة لتثبيت السردية الرمزية للمقاومة الكردية في الوجدان الشعبي والسياسي.
في المقابل، رحّب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بهذه الخطوة، واصفًا إياها بأنها "لحظة تاريخية" في مسار نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، وأعلن في خطاب له من العاصمة أنقرة، السبت، تشكيل لجنة برلمانية متخصصة لمناقشة الإطار القانوني للعملية.
وقال إردوغان إن "47 عامًا من الإرهاب وصلت إلى مرحلتها الأخيرة"، مشيرًا إلى أن الصراع مع "العمال الكردستاني" كلّف تركيا نحو تريليوني دولار، وأسفر عن مقتل 10 آلاف من عناصر الأجهزة الأمنية و50 ألف مدني، على حد قوله.
وأضاف: "لقد حاربنا الإرهاب، لكننا أيضًا اقتربنا من إخوتنا الأكراد، وأريناهم أننا نعمل من أجل مصلحة البلاد ومصلحتهم"، في إشارة إلى محاولة بناء مقاربة جديدة تنهي القطيعة التاريخية مع الأكراد، عبر مسار سياسي تفاوضي يعوّل عليه لتقليص التوتر في الداخل التركي، واحتواء التحديات في شمال سوريا والعراق.