"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
آمال كبيرة عُلِّقت على كلام الموفد الأميركي توماس برّاك الديبلوماسي في قصر بعبدا، الذي أشاد بتجاوب لبنان في جوابه على الورقة الأميركية، رغم أنه قال إن واشنطن ستدرس وتبحث في تفاصيل هذا الجواب قبل أن تردّ.
ويدرك برّاك بالطبع، أن الموضوع الرئيسي في الردّ الأميركي لم يُحسم بعد، وهو ما يجزم به مصدر سياسي مطّلع، إذ يكشف أنه، ورغم تمنيات البعض والأخطاء التحليلية عند البعض الآخر، لا تزال الأولوية لدى الأميركيين، هي تقديم رؤية متماسكة حول موضوع سلاح "حزب الله"، وهذا الأمر حتى الآن لم يتم، ذلك أن طرح الورقة اللبنانية ينصّ على بحث الموضوع تدريجياً، أي إنجاز ما ورد في اتفاق وقف النار وترتيب الوضع في الجنوب، ومن ثم البحث في السلاح، بمعنى أن هذه الورقة لم تأخذ بالإعتبار وجهة نظر الخارج، لا سيّما واشنطن، لهذا الملف، بل تدلّ على الإستمرار بعملية "تربيع" الدوائر.
لذا، يشدِّد المصدر السياسي، على أن ملف سلاح الحزب سيبقى مطروحاً على الطاولة بانتظار الردّ الأميركي، لأنه عندما يقول برّاك إن معالجة السلاح هي مسؤولية لبنانية، فذلك لا يعني أن الأميركيين يكترثون لكل التعابير كالسيادة وغيرها، بل يقولون للبنانيين "هذه هي مطالبنا ودبّرو حالكن".
وبالتالي، لا يمكن للبنان أن يذهب إلى حربٍ مع الحزب في موضوع السلاح، يتابع المصدر، الذي يحدِّد النقطة التي تشكّل مكمن الخلل والعرقلة، وهي أن المطلوب هو الإنسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس ومن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، على أن يليه حوار وطني، ما يؤشر إلى أن لبنان "بعيد كل البعد عن الحلول، رغم أن الجرح اللبناني ما زال ينزف سواء أمنياً أو اقتصادياً".
لكن ما يثير الخشية هنا، يضيف المصدر السياسي، هو طول فترة الإنتظار، لأنه في غياب أي رؤية سياسية واضحة تُركِّز على المطالبة بالإنسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس في مرحلة أولى، والضغط لإحياء اتفاقية الهدنة في العام 1949 التي ترفضها إسرائيل في مرحلة ثانية، وبالطبع من دون القول إنه يجب طرح ملف حصرية السلاح بالقوة.
وهنا، يمكن القول، وفق المصدر المطّلع، إنه إذا كان برّاك يريد مساعدتنا، عليه إحياء اتفاقية الهدنة التي تسمح للبنان بالضغط جدياً وديبلوماسياً على إسرائيل، وفي أقرب وقت ممكن، لأن الإنتظار هو عدو لبنان، مع اتجاه اهتمام الخارج إلى سوريا، إمّا خوفاً وإمّا بناءً واستثماراً، فالإهتمام مالي واقتصادي وسياسي، باعتبار موقع وحجم سوريا، ما يزيد عنصراً إلى العناصر السلبية المتمثلة بالخيارات غير القابلة للتنفيذ، كسحب السلاح بالقوة، أو طرح "حزب الله" لحصول حوار وطني قبل بحث أي ملفٍ متعلّق بتثبيت الإستقرار على الحدود الجنوبية.
ولذلك، يعتبر المصدر، أن نظرية الإستراتيجية الدفاعية تبدأ، واعتباراً من اليوم، بأن يكون قرار الحرب والسلم والردع والإكراه بيد الدولة اللبنانية، على أن يبدأ بعد ذلك البحث بالإستراتيجية الدفاعية، وأي طرح بديل سيُغرق الساحة الداخلية بسجالاتٍ لا تنتهي، فيما الوقت ليس لصالح لبنان، إذ من الثابت أن القلق يتنامى بسبب التعقيدات الإقليمية والداخلية الأخيرة، ويستلزم تحركاً داخلياً عبر تأمين المساعدات الضرورية من خلال الإصلاح الشامل، وووضع آلية لبسط سلطة الدولة وسيادتها على كل لبنان، وبذل الجهود مع الدول الصديقة للبنان، قبل فوات الأوان وسقوط لبنان إقتصادياً، ما يحوّله إلى دولة فاشلة.