"ليبانون ديبايت"
من المؤسف أن تتحوّل المواقف السياسية في لبنان إلى مشهد مسرحي مكشوف، تعكس ضعف الإرادة الوطنية وانعدام الرؤية الواضحة لدى أبرز القوى السياسية. وما بين ازدواجية المواقف وتبادل الأدوار، يدفع اللبنانيون وحدهم الثمن.
"القوات اللبنانية"، التي طالما رفعت شعار السيادة والإنقاذ، منحت الثقة لحكومة لم تُقدّم إلى اليوم أي مشروع إصلاحي جاد، ولا تحمل خطة إنقاذ واضحة. هذه الثقة لم تأتِ من قناعة، بل من حسابات سياسية ضيقة، وخوف من شبح الفراغ، في تجاهل تام لما يفرضه الواقع من مسؤولية وطنية.
وهكذا، تحوّلت "القوات" إلى شريك في إدارة أزمة متفاقمة، وإن بصمت، بينما تحاول التنصّل من تبعات هذا الخيار تحت ذريعة الضرورة!
أما "حزب الله"، فاستمر في سياسة الازدواجية المذهلة. فهو من جهة يمنح الحكومة الثقة، ومن جهة أخرى يمارس خطابًا معارضًا لها. يدعمها ليحافظ على موقعه في التأثير داخلها، ويهاجمها ليحمي صورته أمام جمهوره ويوجّه رسائل للداخل والخارج.
هذا التناقض ليس ناتجًا عن سوء تقدير، بل هو جزء من لعبة سياسية محسوبة، تُدار ببرودة مقلقة، هدفها تحقيق مصالح حزبية وإقليمية، بعيدًا عن معاناة اللبنانيين اليومية.
إن ما نشهده اليوم لا يُعبّر عن مشهد ديمقراطي، بل عن عجز جماعي في إنتاج قرار وطني جريء. كل طرف يتمترس خلف شعاراته ومصالحه، فيما تغرق البلاد أكثر في دوامة الانهيار.