في هذا الإطار، يؤكّد عضو هيئة علماء المسلمين في لبنان، الشيخ أحمد عمورة، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أنّه "في أجواء الاحتقان، تتسع المواقف داخل الطائفة الواحدة، سواء في لبنان أو سوريا، لتشمل من هم مع الدولة السورية ومن هم في موقع التمرد عليها، حتى داخل الهيئة الروحية للطائفة الدرزية في سوريا، هناك تباينات واضحة بين من ينتمي إلى الخط الوطني الملتزم بالدولة، والخط العقلاني الذي لطالما تميزت به الطائفة التوحيدية منذ زمن سلطان باشا الأطرش وحتى اليوم".
ويشير إلى أنّ "سوريا في جوهرها، ليست دولة أقليات وأكثريات طائفية أو عرقية، بل هي وطن لأغلبية من مختلف المكونات والطوائف تسعى إلى بناء الدولة. في المقابل، هناك فئات محدودة تسعى إلى تمزيق الدولة أو الترويج لعناوين الفتنة والفوضى، لأغراض شخصية ضيقة، لكن، وبحمد الله، سواء في الساحل أو السويداء، فإن الخط الوطني والعقلاني المتمسك بالدولة السورية هو الذي ينتصر في نهاية المطاف".
أما بالنسبة للوضع في لبنان، فيقول: "أولويتنا الأساسية هي تجنيب البلد أي فتنة، من غير المقبول إطلاق تصريحات تتحدث عن تشكيلات مسلّحة، والتي قد تُفهم كنوع من ردع موازٍ أو محاولة لإسكات الأصوات الداعية للفتنة، وللأسف، أن بعض هذه الأصوات لا تتردد في المجاهرة بالارتباط بجهات عدوّة، تحت عناوين ومفاصل مختلفة. لكن، ولله الحمد، تم احتواء هذه التوترات وتفادينا مواجهة شاملة في المنطقة، بفضل حكمة القيادة السورية، التي أظهرت قدرة استثنائية على إدارة الأزمات،هذه قيادة خَبِرت الحرب كما عرفت كيف تُدير السلام، وشهد لها العالم بأداء عسكري فعّال، لا سيما في تحرير الشام خلال فترة قصيرة، في حين أن جهات أخرى فشلت على مدى عقود في صياغة مستقبل لسوريا".
ويضيف: "استطاعت هذه القيادة الحكيمة، الملهمة، والموثوقة، أن تمسك بزمام المبادرة، وتُثبّت موقعها في دمشق، سواء في إدارة استحقاقات الداخل، كالساحل والسويداء، أو في التفاوض مع "قسد"، جميع المؤشرات تؤكد أن هذه القيادة تمثّل مستقبل سوريا على المستويين الداخلي والإقليمي، وحتى في النظرة الدولية، وهي قيادة جديرة بالثقة".
وعن العتب الذي أبداه شيخ العقل طائفة الموحدين الدروز، سامي أبي المُنى، على القيادات السنية لجهة عدم تلقيه أي اتصال يستنكر ما يحصل في سوريا؟ يقول: "نحن نُقدّر موقف سماحة الشيخ سامي أبي المُنى، ونتفهّم هذا العتب المسؤول فعلاً، إذ يُعتبر الشيخ سامي من روّاد الحوار والتعاون والحكمة، وقد جاءت تصريحاته في هذا السياق كجزء من محاولة لاحتواء حالة الغضب العارم داخل الطائفة الدرزية في لبنان والمنطقة، لكن، إذا ما تتبّعنا مسار تصريحات سماحته الأخيرة، نجد أنها كانت بالغة الإيجابية في ما يتعلق بنزع فتيل التهديد والتوتر، وهو أمر غير مستغرب من سماحته المعروف دائمًا بحكمته ومسؤوليته الوطنية".
ويشدّد على أن "هيئة علماء المسلمين مع الطائفة الدرزية الكريمة، تجمعنا علاقة تواصل قديمة ووثيقة، لا سيما في المحطات التي تشهد إشكالات أو توترات، ففي مثل هذه اللحظات، يتدخل العقلاء ومشيخة العقل في الطائفة الدرزية لإحتواء هذا الأمر، وتكون لهيئة العلماء مواقف داعمة للحوار والحكمة، وبالتالي نحن نتحدث هنا عن نهج مستمر في التواصل، ونسأل الله أن تخرج سوريا من جميع هذه الاستحقاقات أقوى، وأكثر مناعة في وجه الفتنة، والفوضى، والفلول، والعمالة للخارج".
ويختم الشيخ عمورة، مؤكدًا أن "هذه المناوشات لن تُلهينا عن المعركة الأساسية كما صرح الرئيس السوري أحمد الشرع، وهي معركة بناء سوريا واستعادة دورها الريادي على مستوى المنطقة والأمة".