للمحامي وديع عقل وجهة نظر مختلفة في هذا الموضوع، إذ يوضح لـ"ليبانون ديبايت" أنّ مصرف لبنان استعان فعلًا بهذه الشركة لمساعدته في الخروج من اللائحة الرمادية، من خلال سلسلة استشارات تُقدّمها للقطاع المصرفي. ويرى أنّ هذا الاتفاق جيد جدًا، طالما أنّ لدينا، في المقابل، التدقيق الجنائي الذي نفذّته شركة "ألفاريز آند مارسال"، والذي سلّم البيانات، في حين لم تقدّم الحكومة جوابًا على السؤال الذي طرحه تكتّل "لبنان القوي" بهذا الخصوص. لذا، من الجيّد، بحسب عقل، الاستعانة بهذه الشركة الاستشارية.
ومع ذلك، يلفت عقل نظر مصرف لبنان إلى إمكانيّة الاستفادة من الخبرات اللبنانية في هذا المجال، مشيرًا بسخرية إلى أنّ مجلس الوزراء اللبناني أضاع، في عهد الرئيس ميشال عون، سنة كاملة عندما رفض التعامل مع هذه الشركة بسبب ما قيل عن ملكيّتها لجولز كرول وارتباطها بإسرائيل، ما اضطر لبنان لاحقًا إلى التعاقد مجددًا مع شركة "ألفاريز آند مارسال".
أما عن أسباب التعاقد معها اليوم، فلا يُخفي عقل وجود التزامات مفروضة على لبنان بعد إدراجه على اللائحة الرمادية وفق تصنيف مجموعة "فاتف"، فضلًا عن إدراجه على اللائحة السوداء أوروبيًا، ما يجعل من الاستعانة بهذه النوعية من الشركات خيارًا لا مفرّ منه، للذهاب نحو إصلاح حقيقي، وهو ما كان يطالب به "التيار الوطني الحر" منذ وقت طويل.
ويؤكد عقل أن خطوات كهذه يُنظر إليها بإيجابية، باعتبارها واحدة من بين عدّة خطوات تنفيذية أخرى، لكنه يلفت إلى ملاحظة مهمّة: "ليس المهم أن نستعين بشركة، بل الأهم أن نأخذ برأيها إذا كان مناسبًا". فالتدقيق الجنائي كشف عن ثغرات كبيرة جدًا في تقريره الأولي، لكن الحقيقة أن أحدًا لم يتابع نتائجه باستثناء مدّعي عام جبل لبنان السابقة القاضية غادة عون، ثم مدّعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، بينما يبدو أن أحدًا غيرهما لم يُلقِ بالًا لهذا التقرير.
انطلاقًا من هذا الواقع، فإن جوهر المسألة ليس مجرّد التعاقد مع شركة تدقيق أو استشارات، بل يكمن في التعامل الجدّي مع التقارير التي تُصدرها هذه الشركات والعمل على تنفيذ التوصيات الإصلاحية التي تتضمّنها.