المحلية

ليبانون ديبايت
الجمعة 18 تموز 2025 - 15:11 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

خيار إستباقي... خطة الشرع الذكية تفشل "المخططات الخبيثة"!

خيار إستباقي... خطة الشرع الذكية تفشل "المخططات الخبيثة"!

"ليبانون ديبايت"

في ظل تصاعد التوترات الأمنية في جنوب سوريا، يسلّط الباحث د. خالد الحاج الضوء على قرار الرئيس السوري أحمد الشرع بسحب وحدات الجيش من السويداء، معتبرًا هذه الخطوة استراتيجيّة ومدروسة في ظل لحظة إقليمية ودولية حرجة.

ويؤكّد الحاج، في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، أن "قرار الرئيس السوري أحمد الشرع كان قرارًا مدروسًا عندما أمر بسحب وحدات الجيش من السويداء في لحظة بالغة الخطورة إقليميًا ودوليًا، ففي الحقيقة، هي خطوة حكيمة لتفادي الصدام المباشر مع إسرائيل في توقيت غير ملائم، خاصة وأن أي مواجهة في الجنوب ستكون خاسرة عسكريًا، وقد تُفقد دمشق جزءًا كبيرًا من المكاسب التي تحققت مؤخرًا، سواء على مستوى الداخل أو في ملفات التفاوض الإقليمي والدولي".


ويرى الحاج أن "الرئيس الشرع، من خلال خبرته في العمل الأمني والسياسي، يدرك جيدًا أن خوض معركة مفتوحة في الجنوب بوجه إسرائيل هو خيار خاسر مسبقًا، وهو يفضّل اليوم تحصين الداخل وإعادة ترتيب الأوراق على الانزلاق نحو مواجهة قد تفتح أبواب التدخلات الأجنبية من أوسعها".


ويشير إلى أن "إسرائيل تجاوزت منذ فترة مرحلة "الردع المحدود" وانتقلت إلى سياسة الهندسة الجيوسياسية بالنار، فبعد أن نجحت من وجهة نظرها في منع التمركز الإيراني ومواقع حزب الله جنوب سوريا، بدأت اليوم تسعى إلى فرض وقائع ميدانية جديدة، قد تشمل:

-إقامة منطقة أمنية عازلة داخل العمق السوري.

-الترويج لنفسها كحامية للأقلية الدرزية بهدف إضعاف علاقتها بالمركز السوري في دمشق، وربما لاحقًا، السير نحو "ضم زاحف" لبعض المناطق الحدودية كما فعلت سابقًا في الجولان.


ويشدّد الحاج على أن "هذا المشروع الإسرائيلي لا يقوم فقط على طموحات أمنية، بل على قراءة متكاملة للظرف الدولي والإقليمي، ترى فيه تل أبيب أن اللحظة مناسبة للتحرك بحرية في ظل غياب أي ردع فعلي، وتراجع الإرادة الدولية في حماية وحدة سوريا، إضافة إلى سياسات الرئيس الأميركي التوسعية التي وفرت غطاءً عمليًا لإسرائيل في أكثر من جبهة".


لكن برأي الحاج، ما يزيد المشهد تعقيدًا هو أن "الاشتباكات الأخيرة في السويداء ليست بين الجيش السوري ومعارضين، بل بين طرفين لهما امتدادات مباشرة داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، الدروز والبدو، فآلاف الدروز والبدو يخدمون اليوم في الجيش الإسرائيلي، بعضهم في وحدات قتالية حساسة".


ويلفت إلى أنه "إذا قررت إسرائيل التدخل لصالح أحد الأطراف في السويداء، بعد قرار الرئيس الشرع الانسحاب من السويداء، فإنها عمليًا ستدخل في صدام مع جزء من مجتمعها الداخلي، ما قد ينعكس على وحدة الجيش الإسرائيلي ويولّد انقسامًا داخل المؤسسة العسكرية، لذلك فإن أي تدخل محتمل لن يكون سهلًا أو دون كلفة سياسية وأمنية على إسرائيل نفسها".


ومن السيناريوهات المقبلة التي يتوقعها الحاج، أن "المشهد في الجنوب سيكون مفتوحًا على احتمالات خطيرة، من بينها:

-استمرار الاشتباكات المحلية بما يؤدي إلى تفكك أمني شامل في المنطقة.

-تصعيد الغارات الإسرائيلية وربما تنفيذ اجتياح محدود تحت عنوان "منع الفوضى" أو "حماية الدروز".

-ظهور دعوات دولية لفرض حل تفاوضي قد يفتح الباب أمام إشراف خارجي على مناطق محددة، ما يعني عمليًا بداية تقسيم غير معلن لسوريا".


في المقابل، يؤكّد الحاج أن "الحكومة السورية مطالبة بالحفاظ على وحدة البلاد دون الانجرار إلى صدامات خارجية مفخخة، وهنا تبرز خطوة الرئيس أحمد الشرع بالانسحاب من السويداء كواحدة من أذكى القرارات في هذه المرحلة، إذ منحت دمشق فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة التموقع بشكل يمنع الانفجار الداخلي ويقطع الطريق على السيناريوهات الإسرائيلية".


ويشرح أن "ما يحدث في السويداء ليس نزاعًا محليًا بين عشائر أو مجموعات مسلّحة، بل هو فصل جديد من معركة طويلة على السيادة السورية، حيث تحاول إسرائيل استغلال اللحظة لفرض مشروعها الأمني التوسعي وتفكيك علاقة الدولة بالمجتمعات المحلية، خاصة الدرزية منها، عبر استخدام شعارات "الحماية" و"الأمن"، في حين أن الغاية الحقيقية هي ترسيخ واقع تقسيمي جديد يخدم مصالحها لعقود قادمة".


ويشير إلى أن "الرئيس أحمد الشرع، رغم كل الضغوط، تحرك بعقلانية وطنية، فهو يدرك أن الحفاظ على الأرض لا يعني دائمًا البقاء فيها عسكريًا، بل أحيانًا يكون الانسحاب المؤقت جزءًا من معركة أكبر، لكنه في الوقت نفسه يعلم أن هذا الانسحاب يجب أن يترافق مع ضبط داخلي قوي ومبادرات مصالحة وتفعيل أجهزة الدولة بشكل غير استفزازي لضمان منع الانفلات ومنع تدخل خارجي محتمل".


في الختام، يشدد الحاج على أن "المعركة اليوم تبقى في سوريا، وفي السويداء تحديدًا، ليست على قطعة أرض، بل على من يملك حق رسم حدود البلاد. فهل يُرسم من دمشق بإرادة وطنية؟ أم يُفرض من الخارج عبر الطائرات والتهديدات؟ إن اختبار الشرع اليوم ليس في إطلاق رصاصة، بل في منع الرصاصة التالية من أن تكون مبررًا لتقسيم دائم".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة