يواجه المستشار الألماني فريدريش ميرتس ضغوطاً متزايدة من داخل الائتلاف الحاكم في بلاده لتبنّي موقف أكثر حزماً تجاه "إسرائيل"، في ظل التصعيد العسكري المتواصل على قطاع غزة، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز". وتتركز المطالب حول ضرورة انضمام برلين إلى بيان وقّعته 29 دولة غربية، يندد بالقتل غير الإنساني للفلسطينيين ويدعو إلى وقف فوري للحرب.
ورغم ارتفاع حدة الانتقادات داخل ألمانيا لسلوك "إسرائيل" في غزة، فقد غابت برلين بشكل لافت عن البيان المشترك الذي أصدره الاتحاد الأوروبي إلى جانب دول كفرنسا وبريطانيا. وقد عبّرت وزيرة التنمية الدولية وعضوة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ريم علا بالي رادوفان عن استيائها من موقف الحكومة الألمانية، قائلة: "كنت أتمنى لو انضمت ألمانيا إلى هذه الرسالة، لأنني أتفهم تماماً المطالب التي وجّهها الشركاء الـ29 إلى الحكومة الإسرائيلية".
وفي السياق نفسه، دعا بيان مشترك أصدره أديس أحمدوفيتش، المتحدث باسم السياسة الخارجية، ورولف موتزينيش، مقرر شؤون الشرق الأوسط في الحزب الاشتراكي، الحكومة الألمانية إلى اتخاذ خطوات ملموسة، معتبراً أنّ الوضع في غزة "كارثي ويمثل هاوية إنسانية". وطالب البيان بفرض "عواقب واضحة وفورية" على "إسرائيل"، تشمل تعليق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ووقف تصدير الأسلحة التي تُستخدم "في انتهاك للقانون الدولي".
في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة ستيفان كورنيليوس إن موقف برلين "لا يقل شدة من حيث الجوهر" عن البيان الغربي، موضحاً أن المستشار ميرتس ووزير خارجيته عبّرا علناً عن مواقف "انتقادية شديدة" تجاه أفعال "إسرائيل" في غزة، وأضاف: "تصريحاتهما لا تقل بأي حال عن الإعلان المشترك من حيث المضمون والأهمية".
لكن هذا الموقف الرسمي يأتي بعد فترة طويلة من التزام ألمانيا بسياسة متحفظة تجاه "إسرائيل"، تستند إلى ما تُسميه "المسؤولية الولائية"، المستمدة من إرث المحرقة النازية. ويقول المسؤولون الألمان إنّ هذا الإرث يفرض مقاربة خاصة في التعامل مع تل أبيب، قائمة على الحوار الدبلوماسي الخلفي لا المواجهة العلنية.
ويعتبر معارضو هذا النهج من داخل الائتلاف أن استحضار المحرقة لا يجب أن يتحول إلى ذريعة لتجاهل الانتهاكات المرتكبة في غزة. ويقول بعضهم إن شعار "لن يتكرر أبداً" الذي رُفع بعد الحرب العالمية الثانية، يجب أن يُطبّق الآن على الفلسطينيين في غزة.
يُذكر أن التصريحات الألمانية الرسمية بشأن غزة عادةً ما تركز على المطالبة بالإفراج عن الأسرى لدى حركة حماس، في حين أنّ البيان الذي تجنّبت برلين التوقيع عليه لم يشترط ذلك، رغم إشارته إلى الظروف المتدهورة التي يعيشها الأسرى.
وتواصل الحكومة الألمانية الدفاع عن سياستها القائمة على العمل بصمت عبر القنوات الدبلوماسية غير العلنية، معتبرة أنّ هذه الوسائل أكثر فعالية في تحقيق الأهداف المرجوة، وفق ما أفادت "رويترز".