وفي هذا السياق، ردّ الدكتور محمد حمدان، رئيس هيئة أبناء العرقوب، في حديثٍ إلى "ليبانون ديبايت"، مستغربًا مضمون التصريح الأميركي، ومؤكدًا أن "إذا كانت مزارع شبعا فعلاً لا قيمة لها، كما جاء في كلام بارّاك، فلماذا تُصرّ إسرائيل على التمسك بها؟ ولماذا ترفض الانسحاب منها؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي يكشف التناقض الصارخ بين الخطاب الأميركي والممارسات الإسرائيلية على الأرض".
قيمة الأرض لا تُقاس بمصالح خارجية
وأكد حمدان أن "مزارع شبعا بالنسبة لنا ليست مجرد قطعة أرض، بل هي جزء لا يتجزأ من السيادة اللبنانية والوطنية، لها قيمة معنوية وإنسانية واقتصادية وتاريخية عالية. إنها الأرض التي عاش منها أهلنا وأجدادنا بكرامة، لعشرات بل لمئات السنين، وبالتالي فإن مكانتها تعادل بالنسبة إلينا قيمة الوطن نفسه".
موقف رسمي مطلوب
وطالب حمدان الدولة اللبنانية، وتحديدًا وزارة الخارجية، ورئاستي الحكومة والجمهورية، باتخاذ موقف واضح وحازم من نقطتين أساسيتين:
-التأكيد على أن مزارع شبعا أرض لبنانية خاضعة للسيادة الوطنية، ويجب على إسرائيل الانسحاب منها التزامًا بالقرار الدولي 425، واستنادًا إلى القرار 1701.
-الرد رسميًا وبشكل واضح على التصريح الأميركي "المستفز والمتعالي"، لما ينطوي عليه من استهتار بالسيادة اللبنانية وإهانة غير مقبولة.
أهمية استراتيجية وموارد غنية
وأضاف حمدان موضحًا الأبعاد الاستراتيجية لمزارع شبعا، قائلاً: "من المؤسف الحديث عنها كأرض بلا قيمة، في حين أنها تقع عند نقطة التقاء ثلاث دول: لبنان، سوريا، وفلسطين المحتلة، ما يجعلها موقعًا حيويًا ذا أهمية أمنية فائقة، كما تحتوي على خزان مائي جوفي ضخم متغذٍ من جبل الشيخ، ويُعتبر من أهم مصادر المياه الجوفية في المنطقة".
وتابع: "العدو الإسرائيلي أقام على هذه الأرض منتجعًا سياحيًا يُدرّ مليارات الدولارات سنويًا، مستغلًا الطبيعة والموارد التي حُرم منها أهلنا، وتضم مزارع شبعا أيضًا أراضي زراعية خصبة، تشتهر خصوصًا بالزيتون، وكانت مصدر رزق لأهلنا".
بُعد ديني وثقافي يعزز الارتباط بالأرض
وأشار حمدان إلى أن "قيمة مزارع شبعا لا تقتصر على الجانب الاقتصادي أو الاستراتيجي فقط، بل تتعداه إلى البُعد الديني والثقافي، ففيها يقع مقام النبي إبراهيم عليه السلام، في منطقة مشهد الطير، وهو وقف موقوف للأوقاف الإسلامية وله مكانة روحية عميقة، كما تحتضن أراضي تابعة للأوقاف المسيحية الأرثوذكسية، حيث تنتشر أشجار الزيتون المعمّرة، ما يعكس التنوع الثقافي والروحي في هذه الأرض، ويؤكد الارتباط الوجداني للمسلمين والمسيحيين بها على السواء".
وفي تعليق مباشر على أسلوب بارّاك، قال حمدان إن "التصريح الصادر عن هذا المسؤول الأميركي يعكس إما جهلًا فاضحًا أو تجاهلًا متعمّدًا لتاريخ هذه الأرض وقيمتها، وفي الحالتين، فإن ما ورد غير مقبول، كما أن طريقة الخطاب التي استُخدمت تفتقر لأدنى درجات اللياقة الدبلوماسية، وتعكس أسلوبًا فجًّا لا يليق بممثل لدولة كبرى يُفترض بها احترام سيادة الشعوب".
وختم حمدان، مؤكدًا أن "هذا النوع من التصريحات لم يعد مستغرَبًا في عصر باتت فيه بعض المواقف الأميركية تقلل من شأن الشعوب وحقوقها، لكننا نؤكد أن هذه الأرض، بثرواتها وناسها ومقدساتها، ليست قابلة لا للمساومة ولا للنسيان".