في وقتٍ تتواصل فيه الحرب المدمّرة في السودان، برزت مؤشرات على محاولة "الحركة الإسلامية"، التي أطاحت بها انتفاضة شعبية عام 2019، استعادة نفوذها عبر دعم الجيش ميدانيًا، والاستعداد للعودة إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن قياديين في الحركة ومسؤولين عسكريين.
وفي أول مقابلة له منذ سنوات، توقّع القيادي الإسلامي البارز أحمد هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بقاء الجيش في السلطة بعد نهاية الحرب، مرجّحًا أن تتيح الانتخابات لحزب المؤتمر الوطني، الجناح السياسي للحركة، العودة إلى الحكم. وأكّد أن "العودة إلى السلطة لن تكون إلا عبر صناديق الاقتراع، وليس من خلال حكومة انتقالية".
وتتزامن هذه التصريحات مع تعيينات جديدة في مؤسسات الدولة، اعتبرها مراقبون مؤشّراً على تعاظم نفوذ الإسلاميين، خصوصًا في ظل استمرار رئيس الوزراء التكنوقراطي كامل إدريس، المعيّن من الجيش في أيار الماضي، في ممارسة مهامه وسط صمت رسمي حيال الاتهامات.
ووفق ٧ مصادر من داخل "الحركة الإسلامية" و6 أخرى عسكرية وحكومية، فإن التقدّم العسكري الأخير للجيش في العاصمة وفي مناطق أخرى شجّع الإسلاميين على إعادة تنظيم صفوفهم والمساهمة في العمليات، عبر الدفع بمقاتلين وتدريب آلاف المدنيين الذين انضموا إلى التعبئة العامة. وقدّرت مصادر عسكرية عدد المقاتلين المرتبطين مباشرة بالحركة بما يقارب ٥٠٠٠، ينشطون في وحدات القوات الخاصة، ويشكّلون دعامة أساسية في الحرب داخل الخرطوم.
وثيقة حصلت عليها "رويترز" كشفت عن تنسيق بين قيادات إسلامية ومجموعات تقاتل إلى جانب الجيش، بينما أقرّ هارون بأن "دعم الجيش ليس سرًا"، مشددًا على أن "الإسلاميين ليس لديهم سلطة على الجيش".
من جهة أخرى، اعتبر مستشار قوات الدعم السريع محمد مختار أن "الإسلاميين يديرون هذه الحرب ويسعون من خلالها إلى استعادة الحكم"، بينما تقول أوساط في الجيش إن القائد عبد الفتاح البرهان يحاول الحفاظ على توازن دقيق بين الاعتماد على دعم الإسلاميين وعدم فتح الباب أمام عودتهم الرسمية إلى السلطة، رغم عودة عدد من المحسوبين عليهم إلى مناصب رفيعة في الوزارات والإدارات.
وبرز في الميدان ظهور وحدات عسكرية مرتبطة بـ"الحركة الإسلامية" أبرزها "كتيبة البراء بن مالك"، التي أكد قائدها أويس غانم تلقيها دعمًا بالسلاح والمسيّرات من الجيش، نافيًا اتهامات منظمات حقوقية للكتيبة بارتكاب أعمال تصفية في المناطق التي استعادها الجيش مؤخرًا.
وتأتي هذه التطورات في سياق سياسي وأمني هش، يزيد من تعقيد المشهد الداخلي ويضع الانتقال السياسي على المحك، وسط تصاعد المخاوف الإقليمية من عودة تيارات إسلامية إلى واجهة الحكم في السودان.