رحل الفنان والموسيقار زياد الرحباني صباح اليوم السبت عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه حزنًا كبيرًا في الأوساط الفنية العربية وإرثًا فنيًا خالدًا. إلا أن جانبًا من حياته ظلّ يثير الفضول، وهو علاقته بوالدته السيدة فيروز، خصوصًا القطيعة التي استمرت عامين وانتهت بتصالح مؤثر.
قضى زياد أيامه الأخيرة في المستشفى، بعدما أمضى مسيرة فنية طويلة، مليئة بالصراعات والتجارب، تغلّب على كثير منها، فيما تغلّبت عليه أخرى. وقد روى الرحباني في لقاءات سابقة محطات بارزة من حياته، بدءًا من تلحينه لوالدته وهو في سن الرابعة عشرة.
وكشف أنه أنجز لحنًا كان مخصصًا للفنان مروان محفوظ، قبل أن يستمع إليه عمه منصور الرحباني، الذي قرر أن يُهدى اللحن للسيدة فيروز، فكتب له كلمات أغنية "سألوني الناس"، التي بدت وكأنها موجّهة للراحل عاصي الرحباني، لا سيما في جملة: "لأول مرة ما بنكون سوا". وقد حققت الأغنية نجاحًا لافتًا، بكلمات منصور الرحباني، وتوزيع إلياس الرحباني، وألحان زياد.
من بين أكثر المحطات ألمًا في حياته، القطيعة التي حصلت بينه وبين والدته، واستمرت عامين بسبب خلافات في المواقف السياسية. وكشف زياد في لقاء تلفزيوني قبل سبع سنوات عن تصالحه معها، مشيرًا إلى أن الخلاف لم يكن بسببها مباشرة، بل نتيجة تدخل بعض الأشخاص في إدارة أعمالها آنذاك.
وأوضح أنه استخدم الحيلة نفسها التي كانت تعتمدها فيروز للتواصل معه حين ترغب في إنهاء الجفاء، إذ تتصل وتصمت بانتظار أن يتحدث. فقام زياد بالأمر نفسه، وحين سمع صوتها، أجابها بعبارة لبنانية تعني: "وأخيرًا". وقد أنهى ذلك الاتصال عامين من القطيعة، ثم التقى بها لاحقًا، حيث عاتبته على البعد.
وأشار إلى أن استماعه لألبومها الأخير وقتذاك، كان الدافع للمصالحة، فبادر بالاتصال بها. وفي مرحلة لاحقة من حياته، مرّ زياد بعزلة طويلة دامت عامين، قرر خلالها التوقف عن العمل، وأُصيب بالاكتئاب، وفكّر بالاعتزال، نتيجة ضغوط الحياة المهنية.
انتهت تلك المرحلة بتوقيعه عقدًا للمشاركة في مهرجانات بيت الدين الصيفية في لبنان، ما ساعده على الخروج من حالته النفسية الصعبة. وذكر الراحل أنه على عكس ما يعتقده كثيرون، كان إنسانًا منظمًا يعاني من هوس الوقت، ويحتفظ بساعات في كل غرفة من منزله لضبط الزمن.
وكان يرى أن الحرب الأهلية اللبنانية أضاعت الكثير من وقت اللبنانيين، لذا حاول تعويض ذلك باستغلال كل دقيقة في حياته على أفضل نحو.