أفاد مراسل "ليبانون ديبايت" أنّه في ظلّ الأزمة المالية المتفاقمة التي ترزح تحتها البلديات اللبنانية، عُقد لقاء بلدي موسّع في "بيت الإمام الصدر" برعاية جمعيتي "إرشاد" و"العمل البلدي"، بحضور وزير المال ياسين جابر، إلى جانب نخبة من رؤساء البلديات واتحادات البلديات من مختلف المناطق اللبنانية، ورئيس جمعية "إرشاد" بسام طليس، ورئيس جمعية "العمل البلدي" محمد بشير وأعضاء الجمعيتين، في خطوة تهدف إلى إطلاق مسار شراكة فعلية بين السلطات المحلية والدولة لمواجهة الانهيار.

رئيس جمعية "إرشاد" بسام طليس افتتح اللقاء بكلمة صريحة دعا فيها إلى مقاربة جديدة لعلاقة الدولة بالبلديات، مشيرًا إلى أنّ البلديات لطالما كانت "خط الدفاع الأول عن الناس"، وهي الأقدر على ترجمة الحاجات إلى سياسات وخدمات. وقال: "البلديات تختنق ماليًا، والدولة تقف عاجزة عن ملاقاة هذا الانهيار"، معتبرًا أنّ اللقاء ليس جلسة شكوى، بل "منصة حوار مسؤول ونقطة انطلاق لتكريس شراكة حقيقية". وقدّم طليس ورقة عمل تتضمّن توصيفًا دقيقًا للتحديات، واقتراحات عملية قابلة للتنفيذ، مشيدًا بالتعاون الوثيق بين "إرشاد" و"العمل البلدي"، والذي وصفه بأنه "ليس تعاونًا موسميًا بل تجسيد لوحدة الرؤية في خدمة الناس". وأكد في ختام كلمته أنّ الدفاع عن حقوق البلديات سيبقى أولوية باسم حركة أمل والرئيس نبيه بري، باستخدام كل الوسائل الدستورية والشعبية.

من جهته، ثمّن رئيس جمعية "العمل البلدي" محمد بشير تجاوب الوزير جابر ومتابعته لملف البلديات، معلنًا عن خطة لإطلاق ورش عمل تدريبية لرؤساء البلديات والمخاتير، تهدف إلى رفع مستوى الأداء المحلي وتعزيز القدرات في ظل الظروف الصعبة. واعتبر أنّ تمكين البلديات إداريًا وماليًا لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية.
الوزير ياسين جابر أعرب عن تقديره لهذا اللقاء، معتبرًا أنّ رؤساء البلديات يتحمّلون مسؤوليات تفوق ما يواجهه السياسيون، فهم على تماس مباشر مع الناس. واستعرض جابر واقع المالية العامة التي تأثرت بسلسلة أزمات اقتصادية وسياسية متراكمة، مشيرًا إلى أنّ الحرب الإسرائيلية الأخيرة أضافت أعباء ثقيلة على مؤسسات الدولة.
وفي ما يخص البلديات، كشف جابر أن الصندوق البلدي المستقل يعاني من عجز يتجاوز ٤٥٠ مليون دولار نتيجة تخصيصه في السنوات الماضية لتمويل ملف النفايات، وتحدث عن "غياب العدالة في توزيع أموال الصندوق"، معلنًا أنه أرسل كتبًا رسمية إلى وزارة الداخلية لإعداد الجداول اللازمة وتحويل المخصصات المالية للبلديات.
وأشار جابر إلى تقدم ملحوظ في مسار المكننة داخل وزارة المالية، بالاستعانة بكفاءات شابة تسهم في تعزيز الشفافية والكفاءة، مؤكدًا أنّ إصلاح القطاع المصرفي واستعادة ثقة المودعين يشكّلان مدخلًا أساسيًا لتعافي المالية العامة، بما فيها تمويل البلديات. كما لفت إلى إقرار مجلس النواب مشروع قانون "تمكين البلديات"، واصفًا إياه بالخطوة الضرورية، بالتوازي مع العمل على تعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لفتح آفاق جديدة أمام المشاريع الإنمائية المحلية.
واختُتم اللقاء بنقاش موسّع بين الوزير جابر ورؤساء البلديات والاتحادات البلدية، تمحور حول التحديات اليومية التي تواجه العمل البلدي، من أزمة النفايات إلى الرواتب المستحقة، مرورًا بملف الجداول المالية المتأخرة، والخلل في الدوائر العقارية والمالية، وسط تأكيد مشترك أن الإنماء المتوازن يبدأ من البلديات، وأن الدولة مطالبة بإشراكها لا بتهميشها، وبتمكينها لا بإلقاء الأعباء عليها.