المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الجمعة 01 آب 2025 - 07:09 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

لماذا فعلها رئيس الجمهورية؟

لماذا فعلها رئيس الجمهورية؟

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني

في بلد تتشابك فيه الحسابات الداخلية بالتوازنات الإقليمية، يبقى سلاح حزب الله ملفًا شديد الحساسية لا ينفصل عن الصراع مع إسرائيل ولا عن شبكة التحالفات التي تربطه بإيران. هذا السلاح الذي يرى فيه الحزب “درعًا للمقاومة”، وتعتبره أطراف أخرى “عقبة أمام سيادة الدولة”، ظل لسنوات محورًا للجدل السياسي والضغط الدولي. ومع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية واستمرار تحليق الطائرات فوق الأجواء اللبنانية رغم اتفاق وقف إطلاق النار، يعود الملف اليوم إلى الواجهة من جديد، لكن هذه المرة عبر مقاربة مختلفة حملها خطاب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في عيد الجيش، واضعًا هذا السلاح ضمن معادلة أوسع تسعى لطمأنة الداخل واستشراف حلول تبدو حتى الآن بعيدة المنال.

فقد جاء خطاب رئيس الجمهورية محمّلًا برسائل متعددة الاتجاهات، وخصوصًا في ما يتعلق بملف سلاح حزب الله الذي يشكّل محورًا حساسًا في المعادلة اللبنانية والإقليمية.


الرئيس اعتمد لغة سياسية هادئة قائمة على مبدأ اللا استفزاز واللا استهداف، واضعًا هذا الملف ضمن سياق أوسع يتناول القضايا الأمنية والسيادية في لبنان. ولم يأتِ على ذكر تسليم السلاح بمعزل عن القضايا الأخرى، بل أحاط هذا البند بجملة نقاط تشكّل ضمانات تطمئن الحزب وبيئته، وكذلك اللبنانيين كافة.


فقد تحدث عن وقف الاعتداءات الإسرائيلية برًا وبحرًا وجوًا كأولوية وطنية، وشدد على انسحاب إسرائيل إلى ما وراء الحدود المعترف بها دوليًا، كما تطرق إلى ضرورة ترسيم الحدود مع سوريا في ضوء الأحداث الأخيرة في السويداء وما تشكّله من مخاطر أمنية. وفي موازاة ذلك، أعلن عن دعم الجيش اللبناني عبر مساعدات مالية بقيمة مليار دولار سنويًا، ودعا إلى عقد مؤتمر دولي مع الدول المانحة لتأمين أموال إعادة الإعمار. وبهذه المقاربة، جاء بند تسليم سلاح حزب الله للجيش اللبناني محاطًا بضمانات مطمئنة تعكس محاولة دفع الحزب إلى النقاش من دون استفزاز أو فرض شروط أحادية.


إلا أن الملف بطبيعته يتجاوز القرار اللبناني الداخلي، إذ إن تسليم السلاح يبقى بيد قيادة حزب الله بالتنسيق الكامل مع الجمهورية الإسلامية في إيران، الراعي الأول لهذا السلاح. لذلك، كان من الطبيعي أن يتناول الرئيس الموضوع بهذه الصيغة المدروسة التي تجنبت أي لغة تصعيدية قد تؤدي إلى توتير الساحة الداخلية أو إلى صدام سياسي.


ومع اقتراب مناقشة الورقة التي أعلن عنها الرئيس في مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، تطرح عدة تساؤلات: هل سيتحدث جميع الوزراء بالصوت المطمئن ذاته الذي استخدمه الرئيس، أم سيبرز من يستخدم لغة استفزازية قد تدفع وزراء الثنائي الشيعي إلى التصعيد أو الانسحاب من الجلسة؟ هل وزراء حزب الله وحركة أمل سيملكون الإجابة المباشرة، أم سيضطرون للرجوع إلى قياداتهم قبل اتخاذ أي موقف؟ وهل ستكون هناك تباينات في المواقف بين حزب الله وحركة أمل، أم سيكون الموقف موحدًا مع محاولة الرئيس نبيه بري لعب دور في إقناع الحزب بهذه الورقة؟


وتبقى المعضلة الأهم مرتبطة بالتوقيت، فلماذا اختار رئيس الجمهورية هذه اللحظة بالذات ليكشف عن هذه التفاصيل؟ فهي المرة الأولى التي يعتمد فيها هذا الأسلوب الواضح والحازم في مقاربة ملف السلاح. هل يملك الرئيس معلومات أو تحذيرات دفعته إلى الظهور بهذا الخطاب في هذا الوقت؟ ولماذا تحويل ملف السلاح إلى مجلس الوزراء الآن، والحكومة مضى على تشكيلها أشهر؟ هل عجز رئيس الجمهورية عن التوصل إلى حل عبر الحوار المباشر مع حزب الله فاختار اللجوء إلى مجلس الوزراء للضغط على الحزب وحشره سياسيًا؟ أم أن هذه الخطوة تأتي استجابة لمطلب خارجي في ظل الضغوط الدولية المتزايدة؟


أسئلة كثيرة تطرح نفسها ولا أجوبة واضحة بعد، والأيام المقبلة وحدها ستكشف حقيقة ما يجري خلف الكواليس، في وقت يتعرض فيه لبنان يوميًا لاعتداءات إسرائيلية بالجملة تزيد من خطورة المرحلة وتعقيداتها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة