ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران الياس عودة، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس بوسط بيروت، وأقام جنازاً عن راحة نفوس ضحايا انفجار الرابع من آب الذين سقطوا في مستشفى القديس جاورجيوس وفي العاصمة، بمشاركة حشد من المؤمنين، ومدير المستشفى الجامعي وأطبائه وموظفيه وأهالي الضحايا.
بعد تلاوة الإنجيل، ألقى المطران عظة تناول فيها معاني العطاء في إنجيل معجزة الخبز والسمك، مؤكداً أن الله لا يطلب ما ليس عندنا، بل يبارك القليل الذي نقدمه بإيمان ليضاعفه. وشدد على أن المحبة الحقيقية تُترجم فعلاً وخدمة، لا بمجرد عاطفة باردة أو كلمات فارغة.
وانتقل عودة إلى ذكرى 4 آب، قائلاً إن الانفجار لم يكن مجرد حادث عرضي أو انفجار مواد كيميائية، بل كان انفجاراً لـ"الظلم والفساد والإهمال" في قلب العاصمة، دمّر أحياءها وخطف الأبرياء وترك جرحاً مفتوحاً في جسد بيروت، ووصمة عار على جبين كل من عرف الحقيقة وأخفـاها أو رفض المثول أمام المحقق العدلي.
وأكد أن الصلاة لراحة الضحايا لا تكتمل من دون صرخة حق في وجه الباطل، منتقداً الدولة التي، منذ خمس سنوات، تركت الشعب بلا حقيقة ولا عدالة، والأمهات الثكالى بلا عزاء، والأطفال اليتامى بلا جواب. وقال: "كفى عرقلة للتحقيق وصمتاً عن الحق وخوفاً على المصالح".
وشدد على أن ضحايا الانفجار لم يقترفوا ذنباً، ولم يختاروا الموت أو التشريد، بل أُجبروا على مغادرة منازلهم المدمرة بعدما تُركوا من دون دعم لإعادة البناء أو حماية من كارثة أخرى. وأشار إلى أن من اضطر للهجرة تحول لاحقاً إلى مصدر دعم مالي للوطن، لكنه يُحرم اليوم حتى من حقه في المشاركة السياسية واختيار ممثليه.
ودعا عودة إلى أن يهبّ القضاة للعمل بشجاعة بعيداً عن الضغوط، وأن يتخلى المسؤولون عن مصالحهم وكبريائهم، وأن ينهض في لبنان رجال ونساء يخافون الله أكثر من البشر، ويضعون الحق فوق كل اعتبار. وأكد أن قول كلمة الحق واجب، وأن الصمت عن الحق خطيئة، مستشهداً بالكتاب المقدس الذي يدعو إلى الحكم بالعدل وإنصاف المظلوم.
وختم بالدعاء لراحة نفوس الضحايا، خصوصاً من كانوا في مستشفى القديس جاورجيوس يوم الانفجار، من مرضى وممرضين وزوار، مؤكداً أن الألم لن يهدأ قبل معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة، وأن رجاء القيامة يبقى أقوى من الظلم، فـ"لا خفي لا يظهر ولا مكتوم لا يعلم ويعلن".