المحلية

رصد موقع ليبانون ديبايت
الاثنين 04 آب 2025 - 21:10 رصد موقع ليبانون ديبايت
رصد موقع ليبانون ديبايت

حزب الله يحوّل بلدة إسرائيلية إلى مدينة أشباح

حزب الله يحوّل بلدة إسرائيلية إلى مدينة أشباح

حوّل تصعيد حزب الله على الجبهة الجنوبية خلال حرب الإسناد وما تلاها بلدة المطلة الإسرائيلية، الملاصقة للحدود مع لبنان، إلى مدينة أشباح شبه خالية. فبعد أشهر من القصف والاشتباكات التي أعقبت السابع من تشرين الأول 2024، نزح معظم سكانها، وأقفلت غالبية محالها وفنادقها، فيما بقيت آثار الدمار ماثلة على مبانيها وشوارعها، لتصبح مثالاً صارخًا على تأثير الحرب في البلدات الحدودية الإسرائيلية.


وبحسب تقرير موسع نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإن المطلة، التي كانت يومًا وجهة سياحية خضراء ومقصداً للزوار، بدت في صيف 2025 خالية إلا من نحو 500 شخص من أصل 2,100 كانوا يعيشون فيها قبل الحرب، وفق ما نقلته الصحيفة عن منسّق الأمن في البلدة، يوسي غلازر. الشارع الرئيسي "ريهوف هاريشونيم"، الذي كان يعج برواد المطاعم والمحال في عطلات نهاية الأسبوع، أصبح اليوم صفًا من الأبواب المغلقة. يشير غلازر إلى مطعم "تخانا" الذي كان يعد من أفضل المطاعم في إسرائيل – على حد تعبيره – قائلاً: "كان دائمًا مليئًا بالزبائن، أما الآن؟ لا شيء، كل شيء مقفل".



أحد أبرز معالم البلدة، فندق "ألاسكا إن"، أصيب بثلاث قذائف مضادة للدروع بسبب وجود كاميرات مراقبة على سطحه، وهو قيد الترميم منذ أربعة أشهر، لكن السياح ما زالوا غائبين. فنادق أخرى مثل "بيت شالوم" و"متايلِم" و"سلينا" ما زالت مغلقة، بانتظار التعويضات أو غارقة في التعقيدات البيروقراطية. حتى مركز "كانادا سنتر" الترفيهي، الذي كان يجذب الزوار من كل المنطقة، ما زال مسيّجًا ومغلقًا منذ إصابته بصاروخ.


غلازر، البالغ من العمر 53 عامًا والمولود في المطلة، يوضح للصحيفة أن الحياة التعليمية في البلدة توقفت أيضًا، إذ كان هناك نحو 450 طالبًا يدرسون في كلية "تل حاي"، أما اليوم فلا أحد. كل شيء معروض للإيجار، الفنادق في حالة انتظار، المركز الطبي معطّل، وحتى مبنى المجلس المحلي يعيش حالة شلل.


ويشير إلى أن جزءًا من الركود يعود إلى إغلاق كلية "تل حاي" التي كانت تشكل مصدرًا رئيسيًا للحياة الاقتصادية في البلدة، سواء عبر الطلاب كزبائن أو كعاملين في المطاعم والمقاهي. ورغم أن الكلية يُتوقع أن تفتح أبوابها في تشرين الأول المقبل، إلا أن غيابها حتى الآن ترك أثرًا عميقًا. المدرسة الابتدائية في المطلة لن تفتح هذا العام، والطلاب القلائل المتبقون سيتوجهون إلى مدرسة في كيبوتس كفار جلعادي، ما يشكل عائقًا كبيرًا أمام عودة العائلات.


وبحسب غلازر، فإن المنازل القريبة من مواقع الجيش الإسرائيلي تضررت بشدة، بعضها جراء القصف المعادي، لكن نحو 40% من الأضرار كانت نتيجة مباشرة لتحركات الجيش الإسرائيلي نفسه، من إطلاق نار بالدبابات بين المنازل إلى مرور الوحدات العسكرية الثقيلة التي تسببت في تدمير البنية التحتية. ويضيف: "لا يمكنك أن تلوم أحدًا، لم تكن هناك خيارات كثيرة، هذه هي الحقيقة التي عشناها".


اقتصاديًا، الأزمة حادة. يذكر غلازر لمراسل "يديعوت أحرونوت" مطعم "هسمتا"، الذي كان يقدم أفضل الوجبات السريعة في البلدة وافتتح فروعًا في تل أبيب ورمات أفيف، قائلاً إنه حاول إقناع مالكه بالعودة، لكن الأخير سأله: "هل هناك زبائن؟" فأجابه: "لدينا 300 جندي احتياط سيأكلون"، ومع ذلك لم يقتنع.




ومن الأمثلة الأخرى مقهى "نوشا"، الذي افتتح في تموز الماضي وكان يحقق نجاحًا لافتًا قبل أن تتوقف الحياة فجأة مع اندلاع الحرب. تقول صاحبته، بحسب غلازر، إنها لا تستطيع تحمل الخسارة مرة أخرى. حتى المقهى الذي كان يستقطب الشبان بالموسيقى مساء كل جمعة أغلق أبوابه، وميني ماركت "سام" ما زال مقفلاً لأن "لا أحد يشتري".


ومع ذلك، هناك بعض الإشارات المحدودة إلى التعافي. عند مدخل البلدة الجنوبي في "مفترق كوح"، علّق على باب مقهى "أرومة" الشهير إعلان صغير يقول: "قائمة محدودة حتى الساعة 14:00". أكبر إنجاز لغلازر كان إقناع صاحب مطعم البيتزا "أيوني" بإعادة فتح أبوابه، معتبرًا ذلك "أول ابتسامة" في طريق طويل، حيث أن عودة عمل واحد قد تشجع آخرين. كما أعيد فتح حانة واحدة وسوبرماركت صغير "سوبر يوناتان" بفضل الجنود الاحتياط الذين يأتون كل صباح لشراء "البوريكاس".


بعض أصحاب النزل السياحية، مثل لئور باز الذي يدير "نحلات إيكاريم"، عادوا للعمل وخفضوا الأسعار إلى 850 شيكل (250 دولار) للزوج مع الإفطار والمسبح، لكن الإشغال ما زال منخفضًا بسبب الصورة التي ترسخت عن البلدة كمكان خطير، لدرجة أن البعض يسأل إن كان الدخول إليها مسموحًا أصلاً من قبل الجيش.


غلازر ينتقد غياب الحوافز الضريبية، موضحًا أنه يدفع 14% ضريبة دخل في المطلة، وهي النسبة نفسها في كيبوتس دان أو سنير، متسائلًا: "لماذا يأتي أحد ليبني هنا؟ الدولة لا ترانا".




وردّ مكتب الوزير زئيف إلكين، المسؤول عن مديرية التعافي والسلطة الشمالية، للصحيفة بأن المطلة حصلت على استثمارات مستهدفة بقيمة 6 ملايين شيكل للمباني العامة والمدارس، مع 18 مليون شيكل إضافية ستتم الموافقة عليها قريبًا، فضلًا عن 11.5 مليون شيكل من وزارة الداخلية بسبب الوضع الطارئ. وضمن خطة حكومية أوسع، تم تخصيص مليار شيكل لبلدات خط المواجهة، بينها 20 مليون شيكل للمطلة للمشاريع العامة وبرامج الصمود المجتمعي، إلى جانب منح مالية مباشرة للعائدين. وبالنسبة لأصحاب الأعمال الذين ينتظرون تعويضات "الأرنونا"، فإن بعض الطلبات ما زالت قيد المراجعة القانونية.


في المقابل، استعادت بلدات حدودية أخرى جزءًا كبيرًا من سكانها، إذ عاد نحو 80% من سكان ملكيا وميسغاف عام ويِفتاح، وقرابة 60% من سكان كريات شمونة. ويقول غلازر: "الناس اعتادوا على الحياة المريحة في إيلات وتل أبيب، ولا عجلة لديهم للعودة. يجب إعادة الإحساس بالأمان وإعطاء الناس سببًا للرجوع. أحب هذا المكان وسأبقى أقاتل من أجله، حتى لو كنت وحيدًا في الشارع".


المطلة، التي تُعد من أقدم المستوطنات اليهودية في الجليل الشمالي، كانت على الدوام في مرمى حزب الله منذ تسعينات القرن الماضي، وخصوصًا خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي للشريط الحدودي قبل الانسحاب عام 2000، ثم خلال حرب تموز 2006. واليوم، بعد أحداث خريف 2024، عادت لتكون خط تماس مباشر في المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، بعدما تغيّرت ملامحها وتحولت إلى بلدة شبه مهجورة بفعل الحرب.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة