المحلية

الأربعاء 06 آب 2025 - 06:37

الهزيمة الأولى لـ حزب الله

الهزيمة الأولى لـ حزب الله

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني


كما كان متوقعًا، منذ انتهاء الحرب بين لبنان وحزب الله من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار، ساد الاعتقاد لدى شريحة واسعة من اللبنانيين أن الحزب خرج من هذه المواجهة بهزيمة قاسية.


أسباب هذا الانطباع عديدة، أبرزها اغتيال أهم قادته، وفي مقدمهم الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله، إلى جانب الخسائر البشرية والدمار والتهجير الذي خلّفته الحرب.


منذ تلك اللحظة، بدأ الحديث عن ترجمة سياسية لهذه الهزيمة العسكرية. اعتبر البعض أن انتخاب الرئيس جوزيف عون رئيسًا للجمهورية كان أول مؤشر على هذه الهزيمة، خصوصًا أن مرشح الثنائي الشيعي حينها كان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. لاحقًا، جاء تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة ليُنظر إليه أيضًا كصفعة جديدة لحزب الله، الذي كان يفضّل بقاء الرئيس نجيب ميقاتي في السراي الحكومي.


مع تشكيل الحكومة الجديدة، برزت إشارة إضافية إلى تراجع نفوذ الثنائي الشيعي، إذ لم يعد يحتكر كل الحقائب الشيعية، فحصل على أربعة وزراء فقط، فيما بقي الوزير الشيعي الخامس، فادي مكي، خارج عباءة الثنائي. البعض أيضًا اعتبر أن هذه خسارة سياسية إضافية.


غير أن الحقيقة، كما تكشفها التطورات، هي أن الخسارة السياسية الفعلية لحزب الله لم تكن في انتخاب عون، ولا في تكليف نواف سلام، ولا حتى في توزيع الحقائب الوزارية، بل تجلّت يوم أمس، في جلسة مجلس الوزراء.


في هذه الجلسة، اتخذ مجلس الوزراء قرارًا اعتُبر تاريخيًا، إذ كلّف الجيش اللبناني بإعداد خطة شاملة لحصر السلاح بيد الدولة، بمهلة أقصاها نهاية العام. هذا القرار وضع الجيش وجهًا لوجه أمام حزب الله، وجعل من المؤسسة العسكرية الطرف الأساسي المكلف بتنفيذ مهمة حساسة، تتطلب إمكانيات ودعمًا داخليًا ودوليًا غير مسبوق.


لكن ما يثير القلق هو أن مجلس الوزراء رمى الكرة في ملعب الجيش دون أن يمنحه المقومات الكافية لتنفيذ هذه المهمة. والأخطر أن المجلس لم يتطرق بجدية إلى ملفات أساسية أخرى، مثل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، أو الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، أو إعادة إعمار ما دمرته الحرب وإعادة النازحين إلى منازلهم.


هذا القرار، بحسب مصادر سياسية، يعكس رضوخًا واضحًا للمطالب الأميركية التي جسدتها الورقة الأخيرة التي قدمها المبعوث الأميركي توم براك، والتي نصّت بوضوح على أنه "لا يحق للبنان ولا لحزب الله المطالبة بأي ضمانات، بل عليهم التنفيذ فقط دون اعتراض".


إن ما جرى بالأمس ليس مجرد قرار إداري أو إجراء روتيني، بل هو مفصل تاريخي قد يحدد شكل لبنان في السنوات المقبلة. وضع الجيش في مواجهة مباشرة مع حزب الله، دون رؤية سياسية واضحة ودون ضمانات حقيقية، يشبه السير على حافة الهاوية. وإذا لم تُرفق هذه الخطوة بإجماع وطني ودعم دولي جدي، فقد تتحول من محاولة لتعزيز سيادة الدولة إلى شرارة مواجهة داخلية أو تصعيد إقليمي لا يريده أحد.


الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، ولبنان يقف أمام امتحان وجودي، فإما أن يُحسن إدارة هذه المرحلة بحكمة، أو ينزلق إلى فوضى لن ينجو منها أحد.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة