في مشهد يلخص عمق المأساة الإنسانية في قطاع غزة، شوهد آلاف الفلسطينيين، أمس الثلاثاء، وهم يحملون أكياس الطحين على أكتافهم عائدين سيرًا على الأقدام من منطقة معبر زيكيم شمال القطاع، في محاولة يائسة لتأمين الغذاء لأسرهم في ظل حصار خانق ونقص حاد في الإمدادات.
من بين هؤلاء، كان عيسى خضر، معلم لغة عربية نزح من شمال غزة، يسير مسافة 15 كيلومترًا حاملاً كيس طحين لأطفاله الستة. يقول: "نحن في غزة نرى كيس الطحين كأنه ذهب أبيض... ودّعت أطفالي وكأنها المرة الأخيرة التي أراهم فيها، فإما أعود محمولًا أو جريحًا."
خضر، الذي تنقل بين ستة أماكن منذ اندلاع الحرب، يصف وضعه الحالي بالمأساوي: "المكان الذي أنا فيه الآن هو الأسوأ، خيمتي مثقوبة بفعل الشظايا، والقصف طال المسجد القريب منا قبل يومين."
المشاهد من غزة توثق مئات الأشخاص فوق المركبات، وجرحى يُنقلون على عربات تجرها الحمير، وأكوام الطحين على الأكتاف وكأنها غنائم معركة للبقاء.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن عدد القتلى تجاوز 61 ألفًا، بينهم مئات سقطوا أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء أو مناطق إسقاط المساعدات جوًا. وأفاد شهود ومسؤولون محليون بأن مئات الفلسطينيين قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء توجههم إلى أماكن توزيع المساعدات، بينما اكتفى الجيش بالقول إنه يطلق "طلقات تحذيرية".
ومع تصاعد الضغوط الدولية، أعلن جهاز التنسيق الإسرائيلي المسؤول عن دخول المساعدات توصله إلى اتفاق مع تجار محليين لتحسين وصول الإمدادات الغذائية، وسط تحذيرات متزايدة من مجاعة وشيكة في القطاع المحاصر، في وقت يلمّح فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى توسيع العمليات العسكرية رغم دعوات قادة سابقين في الجيش والمخابرات الإسرائيلية لوقف الحرب المستمرة منذ نحو 22 شهرًا.