المحلية

الاثنين 11 آب 2025 - 06:08

تأجيل الإنفجار إلى 31 آب

تأجيل الإنفجار إلى 31 آب

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


في وقتٍ كان "حزب الله"، عبر شورى القرار، يدرس خيارات التعامل مع الحكومة، ومن بينها خيار الاستقالة، وفي ظل الأجواء التي كانت تشير إلى تحديد موعد لجلسة جديدة لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل لاستكمال بحث البنود المتبقية من الجلسة السابقة، وصلت معلومات إلى القصر الجمهوري والسراي الحكومي تفيد بأن الثنائي الشيعي يدرس بجدية خيارات متعددة من بينها الانسحاب من الحكومة. هذه المرة، لم يكن الأمر يقتصر على مغادرة الجلسات، بل يتجه نحو تعليق المشاركة فيها، أي المقاطعة والاعتكاف.

 

أثار هذا التوجه خشية حقيقية من تبعاته، خصوصاً في ظل حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع، ولأنه يجعل الحكومة "مبتورة الميثاقية" بغياب التمثيل الشيعي. وزاد من جدية الأمر، خروج نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب، الوزير السابق محمود قماطي، ليل السبت متحدثاً عن دراسة خيارات بشأن الاستمرار في الحكومة.

 

أمام هذا المشهد، كان توجه رئاسة الجمهورية منصباً على احتواء الأزمة، واضعةً على قائمة خياراتها تأجيل انعقاد الجلسات ريثما يتم إيجاد تسوية ما. فصدرت توجيهات للبحث عن مخارج. وأثمرت المداولات عن صيغة قانونية تقضي بمنح كل من مدير عام رئاسة الجمهورية، أنطوان شقير، وأمين عام مجلس الوزراء، القاضي محمود مكية، "إجازة سنوية" (عملاً بالسوابق الوظيفية)، ما يتيح تعليق انعقاد الجلسات لغياب الجهة المخوّلة إعداد جدول الأعمال ويبعد الجلسات عن أي تصعيد، على أن تعود وتُستأنف أواخر الشهر الجاري مع إنتهاء الإجازة. هذا الموعد يتزامن مع انتهاء المهلة التي منحتها الحكومة للجيش لإعداد دراسة تترجم أفكار "حصر السلاح"، إنفاذاً لقرار الحكومة في جلستها المنعقدة يوم الثلاثاء الماضي، على أن تُعرض الدراسة في جلسة نهاية الشهر.

 

بهذه الخطوة، استفادت الرئاسة من جوانب عدة: إبقاء النقاش مفتوحاً مع الثنائي الشيعي لإيجاد مخارج، وتعليق الجلسات لقطع الطريق على أي اشتباك قد يؤدي لانسحاب وزراء الثنائيمن جلسة الثلاثاء. أما الثنائي، فقد منح نفسه من جراء ذلك، فرصة لتعزيز حضوره ورفع حالة التحشيد داخل بيئته.

 

في المقابل، اعتُبرت الأجواء الأخيرة التي بثها "الثنائي الشيعي"مدروسة. فالمقاطعة، وفق نظرية "الاعتكاف" و "المقاطعة"، حق دستوري للوزير (ولو أن التجربة إبان حكومة السنيورة عام 2007 لم تكن مشجعة إذ استمرت الجلسات رغم مقاطعة الوزراء الشيعة). وفي وضعية الثنائي الممسك بورقة الميثاقية، فإن تعليق المشاركة لا الاستقالة، يضع رئيس الحكومة نواف سلام –الذي يتابهى بأنه على إستعداد لتعيين بدلاء عن أي وزير يتقدم بإستقالته- في زاوية حرجة: لا وزراء مستقيلون ليُعيَّن بدلاء عنهم، ولا إمكانية لإقالة وزراء "مقاطعين". كما أنه يصبح في مواجهة رئيس الجمهورية، جوزاف عون، الذي لا يؤيد فكرة التصعيد، ولا يسعى إلى فتح مواجهة سياسية أو ميثاقية مع مكوّن أساسي يملك 27 نائباً في مجلس النواب، بدليل أنه وفي أعقاب جلسة الخميس الماضي، حاول إرسال تفسيرات حول الأسباب التي دفعته إلى عدم رفع الجلسة رغم إنسحاب وزراء المكون الشيعي.

 

وهكذا كان قرار رئاسة الجمهورية قائماً على "الاحتواء لا الصدام"، مع بث أجواء واضحة برفض مغادرة أي وزير للحكومة.

 

ورغم استمرار الاتصالات، خاصة مع عين التينة، رصد القصر الجمهوري تبدلاً في طريقة تعامل الثنائي معه بعد الجلسة الأخيرة. فأرسل رسائل تطمين في محاولة لتفهّم الموقف الشيعي. وظهرت هذه السياسة عملياً، إذ لم يتدخل الجيش في مواجهة تحركات الدراجات النارية التي جابت شوارع الضاحية الجنوبية وطريق صيدا القديمة والطريقين الجديد والقديم المؤديين إلى مطار بيروت، رغم إغلاق الطريق لفترة غير قصيرة ورغم وجود قرار بمنع إقفال هذا الطريق. واكتفى الجيش، انسجاماً مع نهج الاحتواء، بإقفال بعض مداخل الضاحية مساءً لمنع خروج المسيرات إلى مناطق أخرى قد تتسبب باحتكاكات، خصوصاً في الأحياء المسيحية، ما عكس قرار إبقاء التحركات ضمن نطاق الضاحية.

 

هذا النهج فُسّر على أنه ضبط للمسيرات لا قمع لها، في ظلتنسيق "لحظوي" بين قيادة الجيش وقيادتي "حزب الله" و"حركة أمل"، اللتين أكدتا أنهما لا تقفان خلف هذه التحركات لكنهما لا تعارضانها، تاركتين القرار للشبان مع الحرص على أن تبقى سلمية. وبالنسبة للثنائي، كانت هذه المسيرات فرصة لإظهار حجم التأييد داخل بيئته. إذ أظهرت التقارير مشاركة آلاف الدراجات النارية، غالبيتهم الساحقة من الشباب.

 

وعليه، يكون التصعيد والإنفجار الحكومي قد تم تأجيلهما إلى 31 آب المقبل، حيث مهلة إنعقاد الجلسة المفترضة لمجلس الوزراء للإستماع إلى "دراسة الجيش" حول حصر السلاح، وذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، حيث سيكون كلمة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، يفترض ألا تكون إعتيادية في ظل ما نشهده، وسترسم سقف التعاطي مع "مفهوم نزع السلاح".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة