"ليبانون ديبايت"
عند إعلان الحكومة قرار نزع السلاح وحصره بيد الدولة، لم يتأخر حزب القوات اللبنانية في الإشادة بدور وزرائه في الحكومة، معتبرًا أن الخطوة تمثل انتصارًا لسيادة الدولة. وأحد هؤلاء الوزراء كان وزير الطاقة نفسه، جو الصدي، الذي ظهر في واجهة المشهد السياسي كجزء من هذا "الإنجاز".
لكن الصورة تغيّرت مع الأيام. ففي الوقت الذي تعيش فيه البلاد موجة حر غير مسبوقة، تنقطع الكهرباء لساعات طويلة، تاركة اللبنانيين يواجهون الحر وتتوقف أعمالهم وأرزاقهم. ومع هذه المعاناة اليومية، يلتزم حزب القوات الصمت، فلا مواقف ولا خطط إنقاذية، ولا حتى تبريرات تُقدَّم للرأي العام.
هذا التناقض دفع مراقبين إلى طرح أسئلة جوهرية: هل انضمّت القوات اللبنانية إلى الحكومة فقط للمشاركة في قرار حصر السلاح بيد الدولة، وهو أصلاً قرار دولي متفق عليه قبل دخول القوات إلى الحكومة، ولا فضل لها في صياغته؟ وإذا كانت القوات تضع ملف السيادة في رأس أولوياتها، فهل هذا يعني أن الملفات الخدماتية، مثل الكهرباء والماء، ليست على جدول اهتماماتها؟
اللبنانيون الذين ينتظرون من ممثليهم حلولاً لمشاكلهم المعيشية قد لا يجدون في شعارات السيادة وحدها ما يبرد حر الصيف أو ينير ليلهم، وهو ما يجعل المعادلة بين السياسة والخدمات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
وهكذا، يبدو أن وزراء القوات اللبنانية، رغم حضورهم السياسي وخطابهم المرتكز حصراً على ملف السلاح، لم ينجحوا في تقديم حلول ملموسة للأزمات المتراكمة التي تنهك اللبنانيين يوميًا. فالكهرباء والماء وغلاء المعيشة وتراجع الخدمات تبقى خارج دائرة الإنجاز، فيما يظل خطاب السلاح هو العنوان الوحيد الذي يطلون به على الرأي العام، وكأن أزمات البلد تختصر بملف واحد، بينما الواقع يثبت أن معاناة الناس لا تُختصر ولا تُؤجَّل.
صحيح أن غالبية الشارع المسيحي يتطلع إلى قيام دولة حقيقية في لبنان، وحصرية السلاح بيد الدولة تعتبر من أهم ركائز هذه الدولة. لكن في الوقت ذاته، الشارع المسيحي نفسه يعاني من انقطاع الكهرباء ونقص المياه وتردي الخدمات الأساسية التي لم تعد تُحتمل. لهذا، تقع على حزب القوات اللبنانية مسؤولية كبيرة اليوم، نتيجة تركيزه على ملف السلاح فقط، واهتمامه المتواضع بالملفات الخدمية التي تمس حياة الناس اليومية.