وفي هذا الإطار، توضح مصادر عسكرية مطّلعة لـ"ليبانون ديبايت" أن الزيارة كانت محددة لثلاثة أيام، وفي خضم التحضيرات لها وتجهيز الملفات وأخذ المواعيد مع المسؤولين الأميركيين، بدأت حملة إعلامية إسرائيلية مشبوهة على الجيش اللبناني، تارة تتهمه بالتباطؤ في تنفيذ خطة سحب السلاح من حزب الله، وتارة أخرى تتهمه بالتعامل معه، وبالطبع، ترافقت هذه الحملة مع ضغوط أميركية متزايدة تطالب الجيش بنزع السلاح.
هجوم من الكونغرس… وغراهام في الواجهة
وتلفت المصادر إلى أنه عند البدء بأخذ مواعيد لقائد الجيش مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في واشنطن، برزت حملة غير مسبوقة لبعض أعضاء الكونغرس الأميركي، وعلى رأسهم ليندسي غراهام المعروف بولائه لإسرائيل، حيث يتهم هؤلاء الجيش اللبناني باتهامات باطلة ويدّعون أنه غير قادر على نزع السلاح، ويتوعدون باتخاذ تدابير بحقه.
ووسط هذه المعمعة الإعلامية والسياسية، وفق ما تذكره المصادر، ونتيجة لتغريدات أعضاء الكونغرس، بدأ بعض المسؤولين الأميركيين بإلغاء المواعيد مع قائد الجيش، عندها، وقبل أن تصل الأمور إلى موقف محرج ليس لقائد الجيش بل للدولة اللبنانية، إرتأى قائد الجيش تأجيل الزيارة بانتظار استيضاح الأسباب التي تقف وراء هذه المواقف الأميركية.
ولا تستبعد المصادر أن ما حصل في موضوع الزيارة هو شكل جديد من أشكال الضغط على لبنان لتنفيذ المطلوب منه دوليًا وأميركيًا.
حملات داخلية وخارجية تستهدف الجيش
ولا تُخفي المصادر استياء القيادة من الحملات الداخلية على الجيش، والتي تترافق مع الحملات الخارجية رغم الإنجازات الجبارة التي يقوم بها من الجنوب إلى الحدود الشرقية، إلى مكافحة تجار المخدرات، إلى فرض الأمن في الداخل.
وترى أن هذه الحملات تخدم، بشكل أو بآخر، الإسرائيلي، ولا تستبعد أن تكون منطلقًا أو ذريعة له لتكثيف ضرباته على الداخل اللبناني.
احتمال ضربة إسرائيلية: السيناريو الأخطر
أما عن احتمال أن يتلقى الجيش أي ضربة إسرائيلية في المستقبل، فلا تستبعد المصادر هذه الفرضية لأن الحملات المستمرة تُشي بأن الأمر لم يعد مجرد "لعبة"، لكنها تتمنى احتواء الموضوع، وإلا فإن ضربة إسرائيلية كبيرة يتم التحضير لها وبشكل موسّع هذه المرة.
دعم الجيش: اتصالات رئاسية
بخصوص التهديد بمنع الدعم عن الجيش اللبناني، تؤكد المصادر أن هذا الأمر ليس مطروحًا، ولكن تحسّبًا، هناك اتصالات على مستوى رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة مع مسؤولين أميركيين لمعالجة أي تداعيات قد تؤثر على دعم الجيش.
وفي هذا الإطار، واحتمال تأثير هذه الحملات على مؤتمر دعم الجيش، تذكر المصادر أن مؤتمر الدعم لم يُحدد حتى الساعة وما يزال فكرة أو مبادرة طرحها الرئيس الفرنسي ولم تُترجم على الأرض بعد.
الجيش على مسافة واحدة… ومناشدة لعدم “ظلمه”
وتؤكد المصادر أن الجيش اللبناني يتعامل مع جميع الأفرقاء في لبنان على قدم المساواة، وبالتالي هو على مسافة واحدة من الجميع. وتناشد المصادر كافة اللبنانيين عدم ظلم الجيش، فهو المؤسسة الوحيدة التي لا تزال تقف على قدميها وتقوم بعملها على أكمل وجه وتؤازر كافة المؤسسات، فمن غير المقبول اليوم التشكيك بالجيش، وحملة التجني هذه حرام بحقه.
خيار “الاحتواء”
أما عن سبب عدم إصدار الجيش بيانًا بخصوص الزيارة إلى واشنطن، فتعتبر المصادر أن المؤسسة اتخذت قرارًا بعدم تكبير حجم الموضوع وفضّلت احتواء الأمر حفاظًا على مصلحة الجيش أولًا وآخرًا.
وإذ تعترف المصادر أن الجيش ربما لا يملك الإمكانات والمعدات لنزع الأسلحة والألغام والذخائر، إلا أنه يقوم بكافة مهامه وينفذ قرارات السلطة السياسية، ورغم هذا الواقع وحملة الافتراءات "فالجيش مستمر في عمله".