بعد ربع قرن على توليه وزارة الثقافة اللبنانية، يعود غسان سلامة إلى الموقع نفسه محمّلًا بخبرة أوسع ورؤية متجددة، لكن بإصرار ثابت على أن الوزارة التي يتولاها هي من أهم الحقائب في لبنان. سلامة يكشف في حديثه لـ"الشرق الأوسط" أن دراسة يجري إعدادها ستُظهر أن مساهمة القطاع الثقافي في الناتج المحلي تفوق مساهمة الزراعة، وربما الصناعة أيضًا.
يصف سلامة نفسه بـ"أكبر مالك عقاري"، في إشارة إلى مسؤوليته عن حماية القلاع والمدن والأسواق والمباني الأثرية من التعديات والسرقات، مؤكدًا أن هذا الدور "سيادي" بامتياز، إلى جانب متابعة الإنتاج الثقافي ودعم الإبداع رغم ضعف التمويل.
ويقرّ بأن الإمكانات المالية اليوم أقل بكثير مما كانت عليه قبل 25 عامًا، ما يجعل الوزارة أشبه بـ"مساعد ومشجع" بدل أن تكون مستثمرًا مباشرًا. ومع ذلك، تمكن من تأمين هبات لمشاريع أساسية مثل رقمنة المكتبة الوطنية، وترميم قصر بيت الدين، وإنقاذ "التياترو الكبير".
سلامة شدد على أن الثقافة في لبنان نشأت وازدهرت خارج إطار الدولة، ما جعلها أكثر مرونة في مواجهة الأزمات، لكنه حذّر من ظاهرة جديدة يعتبرها خطيرة، وهي هجرة المبدعين بدل تصدير إنتاجهم، خصوصًا مع إغراءات دول الخليج التي تمنح تأشيرات ذهبية وفضية للفنانين.
وأشار إلى مشروع وطني لرسم رؤية ثقافية شاملة، يبدأ في أيلول بلقاءات مع مختلف القطاعات الإبداعية، على أن تُعرض النتائج على مجلس الوزراء قبل نهاية العام. كما كشف أن الدراسة الأولية للصناعات الثقافية تشير إلى أنها تشكل أكثر من 15% من صادرات لبنان، وقد تصل إلى 20%، بفضل قطاعات تشمل السينما، والكتاب، والبرامج الإلكترونية، والتصميم، والموضة.
وفي موازاة ذلك، يعمل على استكمال مشروع الكونسرفتوار الوطني بدعم صيني، وتجديد شبكة المكتبات العامة، مؤكدًا أن دور وزارة الثقافة هو "الترويج وفتح الأسواق وحماية الملكية الفكرية"، وأن الثقافة بالنسبة له "تشبه الزراعة، نزرع اليوم لنحصد غدًا".