المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 13 آب 2025 - 07:10 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

حزب الله يستعد للمواجهة

حزب الله يستعد للمواجهة

ليبانون ديبايت-عبدالله قمح

النقاش حول قرار “حصر السلاح”، مهما كانت أهميته، بات خلفنا. السؤال اليوم ليس عن القرار ذاته، بل عن إمكان تنفيذه، وقدرة الدولة على ذلك، والأهم: هل تعرف الدولة كيف ستتعامل إسرائيل مع نتائجه، سلباً كانت أم “إيجابياً”؟

حزب الله حسم أمره سريعاً وأخذ يتدرّج في مواقفه بطريقة مدروسة. في بيان رسمي قال: “سنتعامل مع القرار كأنه غير موجود”، ثم أطلق عضو شورى القرار –وليس فقط رئيس كتلة الوفاء للمقاومة- النائب محمد رعد عبارته الشهيرة: “روحوا بلّطوا البحر”. أمس، جاء صوت الجناح العسكري عبر الإعلام الحربي بفيديو “سلاحي أقدس من أن يُنزع”، متضمناً قسماً واضحاً أطلقه مقاومون: “قسماً بالله العظيم، سيبقى السلاح في أيدينا”. ومن يعرف أدبيات الحزب يدرك أن القسم التزام نهائي، لا يقل وزناً عن قسم الانتماء نفسه.

الجميع يدرك أن الدولة اتخذت قراراً هي عاجزة عن تنفيذه، وأن الحزب لن يسلّم سلاحه. أما بعض المسؤولين فيمارسون دور “الأسد” أمام الكاميرات، و”الأرنب” خلف الأبواب. يرسلون الوسطاء إلى الحزب منذ الثلاثاء الماضي، ويتلقون جواباً واحداً: “الموضوع يُحل من فوق، وعلى الكبيرة”.

و”من فوق” تعني رئيس الجمهورية جوزاف عون، المتهم من الضاحية وعين التينة بأنه أخل بوعوده، ليس للحزب أو الحركة، بل للشيعة. يعرف الرئيس أن هذا السلاح يعتبره الطرفان ملكاً للطائفة وللدفاع عن القرى، وسبق أن ناقش الأمر مع ممثلي 27 نائباً شيعياً، ما يجعله على دراية تامة بحساسية الملف.

مع ذلك، يرفع سقفه إعلامياً، ويستخدم بند السلاح في صراعه غير المجدي مع رئيس الحكومة، متحدثاً عن “قطار ماشي”. لكنه ربما لا يدرك أن هذا القطار إذا انحرف عن سكته سيفلت على الجميع دون إستثناء. وإذا كان نواف سلام يسير في هذا المسار بجهل لحساسية التوازنات اللبنانية، فإن رئيس الجمهورية – القائد السابق للجيش وقائد اللواء التاسع العامل حينها جنوب الليطاني – يعرف جيداً ماذا يعني تكليف الجيش دخول مراكز الحزب ونزع سلاحه بالقوة، وهو الذي سبق أن رفض وضع الجيش بمواجهة الحزب أو الناس.

لكن بينما ينشغل الداخل في جدل القرار، تتحرك إسرائيل في مسار مختلف. فـ”ورقة توم براك”، التي تسميها تل أبيب “الإملاءات الأميركية”، رفضتها حكومة الاحتلال جملةً وتفصيلاً، حتى في البنود التي صيغت لضمان أمنها، وأبلغت براك أنها ليست معنية بها، ولن تبحثها لا في الحكومة ولا في “الكابينت”.

لبنان، بالمقابل، أقر الورقة كاملة دون ضمانات أو التزامات مقابلة من إسرائيل، بل دون وعد بعدم تعرضه لهجوم. ووفق مصادر دبلوماسية، أبلغت تل أبيب براك بعد إدراج بند “حصر السلاح” أن الأمر “لا يعنيها”، وهو من المرجّح أن يبلغه إلى اللبنانيين في زيارته المقبلة.

في الميدان، عبرت إسرائيل عن عدم اكتراثها بخطوات عملية:

​1.​عسكرياً: بدأت توسيع “الموقع السادس” المحتل و المستحدث في تلة المحافر – العديسة، وتحويله إلى ما يشبه نقطة دائمة لترسيخ فكرة “المنطقة العازلة”، مع العلم أن هذا الموقع جرى إحتلاله مؤخراً.

​2.​أمنياً: واصلت إسرائيل سياسة الاغتيالات والتوغلات الليلية تحت ذريعة "ضمان أمنها"، وكثفت دوريات المسيّرات وموجات إطلاق النيران الثقيلة تجاه محيط القرى، دون تجاهل أنها على إستعداد دائم لاستئناف الضربات الجوية جنوب وشمال الليطاني.

بحسب مصدر دبلوماسي، بعثت إسرائيل تهديداً إلى بيروت مفاده أنها ستقوم بما تراه مناسباً إذا لم تتخذ الحكومة قراراً بنزع سلاح المقاومة، رغم أنها – كما أسلفنا – رفضت الصيغة التي طالبت بها أساساً عبر ورقة "برّاك". هذا التهديد جاء في أعقاب بدء الحكومة بحث "ورقة توم براك". وقد برر رئيس الجمهورية والحكومة خطوتهما بـ"حصر السلاح" بأنها نتيجة ضغوط خارجية لم يحددا مصدرها.

اليوم، تعلن إسرائيل أنها تراقب عن كثب آلية الحكومة اللبنانية في تنفيذ القرار، وستلتزم المهلة المحددة حتى نهاية العام، لكن من دون أن توقف انتهاكاتها أو ضرباتها، بل ستوسعها.

عندما وصفنا القرار سابقاً بـ"الفخ"، كان المقصود واضحاً. فالدولة لم تجعل من نفسها مجرد أضحوكة، بل ألعوبة في يد إسرائيل. وما قاله وزير الدفاع ميشال منسى على قناة "الجزيرة مباشر"، وإن جاء لتبرير إجراءات الدولة بأنها تقع تحت ما سماه mechanism، لم يكن سقطة، بل إشارة إلى أن الدولة كلها باتت تعمل تحت إمرة الإسرائيلي، الذي يخيرها الآن بين نزع السلاح ضمن المهلة، أو دفع الثمن.

إذاً، لسنا أمام "فخ" فقط، بل أمام تورطة كاملة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة