وسط أجواء تفاؤلية حذرة، يصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى قاعدة عسكرية في ولاية ألاسكا، حيث يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة ثنائية وُصفت بأنها من بين الأكثر حساسية في العلاقات بين البلدين منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية.
وفيما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موقف بلاده "واضح وسيعرض بالتفصيل خلال القمة"، تتصاعد التساؤلات حول ما إذا كان اللقاء سيقود إلى اتفاق يوقف الحرب المستمرة منذ شباط 2022، أم سينتهي بنتائج مخيبة كما حدث في جولات سابقة من الحوار غير المباشر.
تتوقع الأوساط الدبلوماسية أن يحمل بوتين إلى القمة ملفاً شاملاً يتضمن المطالب الروسية التقليدية، وربما خرائط محدثة توضح المناطق الأوكرانية الخاضعة لسيطرة القوات الروسية، والتي تعتبرها موسكو "أراضيها الشرعية". ويأتي ذلك في ظل تلميحات سابقة من ترامب إلى احتمال القبول بتبادل أراضٍ بين موسكو وكييف أو تقديم أوكرانيا تنازلات جغرافية مقابل السلام.
خلال الأسبوع الماضي، كشفت مصادر مطلعة أن الجانب الروسي قدّم إلى المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، أثناء زيارته لموسكو، مقترحاً يقضي بتخلي أوكرانيا عن المناطق المتبقية من دونيتسك ولوغانسك – المعروفتين معاً باسم "دونباس" – مقابل وقف إطلاق النار. لكن التطورات الميدانية في الأيام الأخيرة غيّرت المشهد، إذ حققت القوات الروسية تقدماً شمال شرق دوبروبيليا، ما أدى إلى تعديل السيطرة على المنطقة التي كانت محور النقاش مع الجانب الأميركي، وفق شبكة "سي أن أن".
وبناء على المستجدات، قد تعرض موسكو مقايضة أجزاء من الأراضي الحدودية قرب سومي وخاركيف بمساحات أوسع داخل دونباس، إلا أن قبول أوكرانيا بهذا الطرح يبدو مستبعداً في ظل موقف كييف الرافض لأي تنازل عن مناطق جديدة.
بالنسبة لمنطقتي زابوريجيا وخيرسون، تشير المعطيات إلى أن بوتين متمسك بالمطالبة بهما، خاصة بعد إعلان ضمهما رسمياً إلى روسيا عقب الاستفتاءات المثيرة للجدل العام الماضي. وتسيطر موسكو حالياً على معظم دونيتسك وكامل لوغانسك تقريباً، إضافة إلى نحو ثلثي خيرسون وزابوريجيا.
أما شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا عام 2014، فلا تبدو مطروحة في أي مفاوضات محتملة من الجانب الروسي، رغم أن بعض الإشارات الصادرة عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أوحت بقبوله المبدئي لمناقشة ملفها ضمن تسوية شاملة، في إطار تنازلات أوسع قد تُفرض على كييف.
يرى مراقبون أن أفضل ما يمكن أن يسفر عنه اجتماع ألاسكا هو إعلان اتفاق على وقف إطلاق النار وتجميد خطوط التماس كما هي حالياً، تمهيداً لبدء مفاوضات تفصيلية لاحقة تتناول قضايا تبادل الأراضي، وضمانات الأمن، ومستقبل العلاقات الروسية – الأوكرانية. ويعكس هذا السيناريو ما يطالب به عدد من العواصم الأوروبية وأوساط داخل أوكرانيا، باعتباره خطوة أولى نحو إنهاء النزاع المسلح وفتح المجال أمام تسوية سياسية طويلة الأمد.