نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر دبلوماسية أن جنوب السودان وإسرائيل يجريان محادثات حول خطة لنقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى الدولة الإفريقية، في خطوة أثارت رفضاً فلسطينياً واسعاً ووُصفت بأنها "غير مقبولة".
وأوضحت ثلاثة مصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها أن الاتفاق لم يُبرم بعد، غير أن المفاوضات لا تزال مستمرة. وتنص الخطة، في حال تنفيذها، على نقل سكان من غزة، التي تعيش حرباً مدمّرة منذ نحو عامين مع إسرائيل، إلى جنوب السودان التي تعاني بدورها من صراعات سياسية وعرقية.
ووفق "رويترز"، امتنع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجية الإسرائيلية عن التعليق، فيما قالت الخارجية الأميركية: "نحن لا نعلق على المناقشات الدبلوماسية الخاصة".
وكان نتنياهو قد كرّر هذا الشهر دعوته لمغادرة الفلسطينيين القطاع "طوعاً"، في إطار مسعاه لتوسيع السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة، غير أن قادة فلسطينيين وعرباً رفضوا الفكرة واعتبروها "نكبة جديدة"، في إشارة إلى تهجير عام 1948.
وأشارت المصادر إلى أن مقترح التوطين طُرح خلال اجتماعات جمعت وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا بمسؤولين إسرائيليين خلال زيارته إلى تل أبيب الشهر الماضي. في المقابل، نفت وزارة الخارجية في جوبا سابقاً تقارير مشابهة ووصفتها بأنها "عارية عن الصحة". وكانت وكالة "أسوشييتد برس" أول من كشف هذه المباحثات الثلاثاء الماضي استناداً إلى ستة مصادر مطلعة.
من جهته، شدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف على رفض القيادة والشعب الفلسطينيين "أي خطط تهجير إلى أي دولة، سواء جنوب السودان أو غيرها"، مؤكداً أن الحل يكمن في "وقف حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية، وإنهاء الاحتلال والاستيطان". وهو الموقف نفسه الذي عبّر عنه مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
بدورها، قالت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارين هاسكل، التي زارت جوبا هذا الأسبوع، إن المباحثات "لم تركز على مسألة إعادة التوطين"، موضحة أن اللقاءات تناولت "العلاقات الثنائية، المنظمات الدولية، والأزمة الإنسانية في جنوب السودان".
وكان نتنياهو قد التقى الوزير كومبا الشهر الماضي، وأكد أن إسرائيل على تواصل مع عدة دول "لإيجاد وجهة للفلسطينيين الراغبين في مغادرة غزة"، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، السبت، أن الجيش سيزوّد سكان غزة بخيام ومعدات إيواء بدءاً من الأحد، استعداداً لنقلهم من مناطق القتال إلى ما وصفها بمناطق "آمنة" جنوب القطاع. وأوضح أن المعدات ستُنقل عبر معبر كرم أبو سالم بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية "بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل سلطة المعابر التابعة لوزارة الدفاع"، بحسب "رويترز".
إلى ذلك، أفاد مراسل "العربية/الحدث" بخروج تظاهرات في تل أبيب تطالب بعدم توسيع حرب غزة وإبرام صفقة.
ميدانياً، شن الجيش الإسرائيلي السبت سلسلة غارات على مناطق متفرقة في القطاع، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين. وأعلن مستشفى العودة في مخيم النصيرات عن استقباله 9 قتلى، بينهم 6 أطفال، جراء قصف استهدف تجمعات مدنية عند نقطة توزيع المساعدات جنوب وادي غزة وسط القطاع. كما كثفت المدفعية الإسرائيلية قصفها على حي الصبرة بمدينة غزة ومخيمي البريج والنصيرات، بالتزامن مع تدمير مبانٍ سكنية شرق مدينة غزة.
يُشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت أقرت الأسبوع الماضي خطة لتوسيع الحرب واحتلال كامل مدينة غزة، علماً أن القوات الإسرائيلية تسيطر حالياً على نحو 75% من القطاع، وسط تنديدات وتحذيرات دولية وأممية من خطورة التصعيد على المدنيين. في المقابل، تتواصل مساعي الوسطاء من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية أو اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، من دون نتائج ملموسة حتى الآن.