أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على الدور المحوري والحيوي الذي يلعبه المسيحيون في منطقة المشرق العربي، مهد الحضارات والديانات. وقال خلال استقباله بطريرك كنيسة المشرق الأشورية، البطريرك مار آوا الثالث، على رأس وفد من الطائفة: "المسيحيون في المشرق ليسوا مجرد أقلية دينية، بل هم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي والحضاري لهذه المنطقة. على هذه الأرض المقدسة وُلدت المسيحية وانتشرت منها إلى العالم أجمع، وأسهم مسيحيو المشرق في بناء الحضارة العربية والإسلامية، وكانوا رواداً في العلوم والطب والفلسفة والأدب والفنون".
وأشار الرئيس عون إلى ما تعرض له المسيحيون في السنوات الأخيرة في عدد من الدول، داعياً إلى وقف هجرة مسيحيي الشرق، معتبراً أن الوجود المسيحي ضمانة أساسية للحفاظ على التنوع الديني والثقافي، وهو مصدر قوة وإثراء للمجتمعات العربية، وليس عامل ضعف أو انقسام. وحذّر من أنّ هجرة المسيحيين بفعل الصراعات وعدم الاستقرار تشكّل نزفاً بشرياً يفقد المنطقة خبرات وطاقات لا تُعوَّض بسهولة، مؤكداً على وجوب حماية المسيحيين وترسيخ مبدأ المواطنة الكاملة والمتساوية لجميع أبناء الدول العربية، بعيداً عن أي تمييز ديني أو مذهبي.
وشدد الرئيس عون على أنّ مستقبل المشرق العربي مرتبط بالحفاظ على تنوعه الديني والثقافي، معتبراً أن وجود المسيحيين في هذه المنطقة "ليس مجرد حق تاريخي، بل ضرورة حضارية ومصلحة استراتيجية لجميع شعوبها".
وكان البطريرك مار آوا الثالث قد استهل اللقاء بتهنئة الرئيس عون على انتخابه، ناقلاً تمنيات أبناء الطائفة الأشورية له بالنجاح في مسؤولياته. وقال: "نصلي من أجل نجاح جهودكم في الحفاظ على مستقبل لبنان ودوره في محيطه والعالم". كما عرض أوضاع الأشوريين في عدد من الدول العربية، مشيراً إلى الهجرات التي شهدتها بعض هذه الدول نتيجة الأحداث الأخيرة، مؤكداً تشبث الأشوريين بأرضهم ومجتمعاتهم رغم الظروف الصعبة. ورافق البطريرك في الزيارة المتروبوليت مار ميلس زيا، والأب جورج يوحنا، والأب نينوس عودة، والسيد عصام الأسعد.
وفي بعبدا أيضاً، استقبل الرئيس عون وفداً من رهبانية الراهبات اللبنانيات المارونيات برئاسة الأم دولي شعيا، التي شكرت الرئيس على استقباله. وأكدت أن اللقاء "يحمل نفحة من المحبة الوطنية الصادقة، ويجسد عمق التضامن بين أبناء الوطن الواحد"، لافتة إلى أنّ الزيارة تأتي عشية الاحتفال باليوبيل الفضي لإعلان قداسة القديسة رفقا. وقالت: "كلماتها المضيئة لا تزال تنير دروبنا، ومنها قولها: ’يد الله مع الرؤساء‘. نصلي كي يمنحكم الله الحكمة في القرار، والقوة في الالتزام، والنور في الرؤية".
ورد الرئيس عون مرحباً بالوفد، مشيداً بالدور الذي تضطلع به الرهبانية، ومؤكداً أنّ "القديسة رفقا حوّلت الآلام إلى رجاء وحياة"، مضيفاً: "لا خوف على هذا الوطن طالما فيه أمثالكن، وطالما فيه قديسون كثر. سنتمكن من التغلب على الأزمات كما فعل أجدادنا الذين طوعوا الصخر، وهذا نابع من عمق الإيمان بلبنان وبصلواتكن".
كما استقبل الرئيس عون الفنان برنار رنو الذي أطلعه على نشاطاته الفنية في لبنان والخارج، مقدماً له لوحة تمثل العلم اللبناني مع شجرة الأرز لتعليقها في قصر بعبدا إلى جانب لوحات سابقة من أعماله.