المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 19 آب 2025 - 07:18 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

الرؤساء والـ 62 دقيقة التي حسمت مصير لبنان

الرؤساء والـ 62 دقيقة التي حسمت مصير لبنان

ليبانون ديبايت


لم تكن زيارة الموفد الأميركي توم براك والناطقة السابقة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت مجرد جولة بروتوكولية، بل محاولة دقيقة لرسم خريطة جديدة للأولويات اللبنانية. وما يلفت الانتباه هو أن كل دقيقة من اللقاءات الثلاثة التي جرت لم تكن عشوائية، بل حملت رسائل سياسية واضحة، تعكس موقع كل مؤسسة من السلطة ومسار القرار في لبنان.


اللقاء الأول جرى في قصر بعبدا مع رئيس الجمهورية، حيث استمرت المحادثات 32 دقيقة، وهو ما كان كافياً لتأكيد أن الرئاسة تبقى البوابة الرسمية لأي التزامات دولية، وأن أي توجه أو تفاهم لا يمكن أن يتحرك دون الرجوع إلى الموقع الرئاسي.



إن تصريحات براك عقب اللقاء، خصوصاً حول إيران، أوحت بأن الأزمة اللبنانية ما زالت محكومة بالتفاهمات الأميركية-الإيرانية، وأن أي انفراج داخلي لن يُقرأ إلا ضمن هذا الإطار، ما يضع الرئاسة في موقع المراقب والمرجعية الأساسية للملفات السيادية.


بعد بعبدا، توجه الوفد إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستمرت هذه المحادثة 23 دقيقة. هذا التوقيت لم يكن أقل أهمية، إذ أعاد بري ترتيب الأولويات اللبنانية من منظوره، مؤكدًا أن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية هو المدخل الأساسي لأي استقرار. كما ربط بري هذا الانسحاب بفتح ورشة إعمار وتعزيز دور الجيش اللبناني في حفظ الأمن، ليظل بذلك حجر الزاوية في المعادلة الداخلية، ويؤكد أن أي نقاش آخر لا يمكن أن يسبق هذه الأولوية.



أما اللقاء الثالث، مع رئيس الحكومة نواف سلام في السراي الحكومي، فقد استغرق سبع دقائق فقط، لكنها كانت كافية لإعطاء صورة مختلفة وملموسة للتنفيذ.


ركّز سلام على الأولويات الوطنية، مؤكداً أن الحكومة اتخذت القرار الأجرأ بتكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة، ما يجعل النقاش لم يعد تقنياً أو إجرائياً فحسب، بل تحول إلى تثبيت معادلة واضحة، وهي أن التنفيذ يبدأ من الحكومة مقابل التزام دولي بثلاثة محاور متلازمة، هي الانسحاب الإسرائيلي، التجديد لليونيفيل وإطلاق ورشة الإعمار.


وعليه، بين بعبدا وعين التينة والسراي، ارتسمت صورة متكاملة للمعادلة السياسية في لبنان، حيث تمثل الرئاسة الشرعية الدستورية ورسائل الخارج، وتظل عين التينة الضمانة الشيعية وربط الاستقرار بالانسحاب الإسرائيلي، بينما يصبح السراي الحكومي الجهة التنفيذية التي تعطي الأولوية لمصلحة البلد، وتربط السيادة بالإعمار والتجديد لليونيفيل.


هكذا، تحولت دقائق اللقاءات الثلاثة، 32 و23 و7 دقائق، إلى مرآة لمعادلة سياسية جديدة، تعكس أن السياسة تُطبخ بين بعبدا وعين التينة، وأن التنفيذ الفعلي لا بد أن يمر من السراي، حيث وضعت الحكومة ثلاثية واضحة كمدخل إلزامي لأي استقرار داخلي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة