مرة جديدة، ضربت مأساة قطاع الطيران الشراعي في لبنان، بعد وفاة الشاب عمر سنجر، ابن مدينة طرابلس، والحائز على بطولات عالمية في هذه الرياضة، إثر سقوطه في بحر جونية خلال ممارسته لعبته المفضلة.
وكان سنجر يتدرّب منفردًا الأربعاء، استعدادًا للمشاركة في بطولة عالمية في تركيا، حين علِق شراعه أثناء تنفيذ حركات جوية خطرة، مما منعه من فتح المظلّة، فسقط مباشرة في البحر. وقد عُثر عليه لاحقًا بحالة حرجة جدًا، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، قالت شقيقته سمية سنجر: "أخي بطل لبنان في هذه الرياضة. عمر كان عازبًا كرّس حياته بالكامل للطيران الشراعي، وكان يستعد لتمثيل لبنان الأسبوع المقبل في تركيا".
وأضافت: "تفاجأنا بالخبر كما لو أننا وقعنا معه، فنحن جميعًا كنا نعيش معه حلم الطيران".
ويُعد الطيران الشراعي في لبنان، وتحديدًا في منطقة جونية حيث يطل الجبل على البحر، من الرياضات الأغلى في الشرق الأوسط، إذ تصل تكلفة الرحلة الواحدة إلى نحو 120 دولارًا. وكانت هذه الأنشطة قد توقفت منذ نحو شهرين بقرار رسمي، غير أنّ ضغوطًا سياسية أعادت تفعيلها، ما أثار استياء واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي.
وبحسب إفادة زميله نور، فإن "الحركات الجوية التي نفذها عمر لا تُجرى عادة نظرًا لخطورتها، وهي التي تسببت في سقوطه"، مشيرًا إلى أنّه لم يكن هناك قارب إنقاذ في البحر للتدخل عند وقوع أي طارئ. وأوضح أنّ هذا النقص في إجراءات السلامة "يطرح مجددًا علامات استفهام كبرى حول الرقابة على الأندية والجهات المنظمة، خصوصًا أنّ هذه ليست الحادثة الأولى، بل تكررت في السنوات الماضية بشكل لافت".
وفي سياق متصل، كشفت مصادر في وزارة الشباب والرياضة أنّ الوزيرة نورا بيرقدريان كانت قد حدّدت مسبقًا موعدًا لاجتماع مع اللجنة المكلفة إدارة الطيران الشراعي، التي تضم ممثلين عن الأندية وتعمل تحت إشراف الوزارة، لبحث "التجاوزات الخطيرة" في هذا القطاع. وأكدت المصادر أنّ الاجتماع انعقد الخميس بعد وفاة سنجر، بالتوازي مع تحقيقات قضائية تقودها النيابة العامة المالية ومكتب مكافحة الجرائم المالية بشأن شبهات تهرّب ضريبي ورسوم مفروضة على هذه الأنشطة.
بدوره، شدّد مؤسس جمعية "إليازا" زياد عقل على أنّ "أي خلل في إجراءات السلامة العامة أو عدم الالتزام بالمعايير الدولية يؤدي إلى خسائر بشرية فادحة". وأضاف: "كما نخسر على طرقاتنا بسبب الإهمال، نخسر أيضًا في السماء. حوادث الطيران الشراعي تتكرر بشكل كبير جدًا، وهذا يتطلب تحركًا عاجلًا من وزارة الشباب والرياضة واللجنة النيابية للشباب والرياضة لوقف هذا النزيف".
من جهته، اعتبر الخبير في السلامة العامة رامي الأسمر أنّ ما حصل مع سنجر "لم يكن حادثًا فرديًا بقدر ما هو نتيجة مباشرة لغياب منظومة متكاملة للسلامة". وأوضح أنّ "المسألة لا تتعلق بشجاعة الطيار أو مهارته فقط، بل بوجود بيئة آمنة وفرق إنقاذ مجهزة ومعايير واضحة ورقابة صارمة".
وختم الأسمر بالدعوة إلى وقف أي نشاط شراعي غير منظّم إلى حين وضع معايير صارمة للسلامة، وإلزام الأندية بتوفير فرق إنقاذ بحرية أو برية بحسب موقع الطيران، مع تشديد الرقابة من وزارة الشباب والرياضة وربطها بجهات سلامة عامة متخصصة.