نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان، وليد موسى، يرفض في حديث إلى "ليبانون ديبايت" تضخيم الصورة، مؤكدًا أن "الحديث عن حركة نزوح من الضاحية غير دقيق، وأن ما يحصل هو حالة قلق طبيعية تنعكس في قرارات فردية للبعض، لكنها لا تعني تحوّلًا جذريًا في السوق العقاري".
بداية مشجعة ثم تراجع بسبب الأوضاع السياسية
ويقول موسى: "شهدنا في مطلع عام 2025 بداية مشجعة على مستوى السوق، حيث عاد المستثمرون اللبنانيون، لا سيما من المغتربين، إلى شراء العقارات مدفوعين بموجة تفاؤل سياسي نسبي، لكن هذا الزخم لم يدم طويلًا، إذ ما لبث أن تراجع بسبب الجمود الداخلي، تلاه موجة تفاؤل جديدة بعد رفع الحظر الإماراتي عن السفر إلى لبنان، ما فتح المجال أمام استثمارات خليجية محدودة".
إلا أن هذه الحركة الواعدة اصطدمت سريعًا بالحرب الإسرائيلية – الإيرانية، ما أدى إلى "عودة حالة الترقب والحذر وتجميد معظم القرارات الاستثمارية"، بحسب موسى، الذي يشير إلى أن السوق بات منذ ذلك الحين "في وضع ضبابي لا يشجع على المبادرة، خاصة في ظل تصاعد لغة التهديد وعدم الاستقرار".
ورغم هذه التحديات، يلفت موسى إلى أن "بعض المناطق لا تزال تشهد نشاطًا عقاريًا، مثل وسط بيروت، الأشرفية، عمشيت، البترون، فريا وفقرا، حيث تتم بعض الصفقات بأسعار مرتفعة نسبيًا، وغالبًا ما تكون من جانب لبنانيين ميسورين أو مغتربين".
واقع مختلف في الضاحية الجنوبية
أما في الضاحية الجنوبية، فيؤكد أن "الواقع مختلف تمامًا، فالعقارات معروضة بكثافة للبيع والإيجار، لكن الإقبال شبه معدوم"، موضحًا أن "من يشتري اليوم هناك هم فقط التجار الباحثون عن فرص شراء بأسعار زهيدة، على أمل إعادة البيع لاحقًا عند تحسن الأوضاع".
ويضيف: "الأسعار تتراجع بشكل ملحوظ شهريًا، ليس بسبب انهيار السوق، بل لغياب الطلب الحقيقي وانعدام القدرة الشرائية لدى السكان. معظم أهالي الضاحية باتوا عالقين بين الوضع الأمني غير المستقر والمواقف السياسية المتقلبة، ما يجعل الاستقرار العقاري هناك بعيد المنال في الوقت الراهن".
حركة الإيجارات وتوقعات الأسعار
وبشأن أسعار الإيجارات، يشير موسى إلى أن "الطلب يرتفع كلما زادت التهديدات، لكن ليس بنفس وتيرة الحرب، حيث لا تزال الأسعار مقبولة إلى حد ما، ولم تصل إلى مرحلة الاستغلال".
ورغم كل ما سبق، يبقي موسى على نبرة تفاؤل، مشددًا على أن "السوق العقاري في لبنان سيبقى جاذبًا، لأن اللبناني بطبيعته يرى في العقار استثمارًا آمنًا وملاذًا طويل الأمد، وفي اللحظة التي يعود فيها الانتظام إلى المؤسسات والاقتصاد، سيكون العقار من أول القطاعات التي تنتعش بقوة، وبالتالي تبقى الفرصة قائمة دائمًا للاستثمار في القطاع العقاري".
