اقليمي ودولي

الجزيرة
الاثنين 25 آب 2025 - 10:12 الجزيرة
الجزيرة

إسرائيل وإيران: هدنة هشة تنذر بجولة حرب جديدة

إسرائيل وإيران: هدنة هشة تنذر بجولة حرب جديدة

على الرغم من انتهاء معركة الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران، فإن أوساطا سياسية وأمنية في تل أبيب وواشنطن تجمع على أن الحرب لم تنتهِ بعد، وأن المنطقة تتجه إلى جولات جديدة من الصراع المباشر. فإسرائيل، التي قادت عملية "الأسد الصاعد" بدعم أميركي ضد طهران، ترى أن المعركة الأخيرة لم تكن سوى بداية لمسار طويل يستهدف تفكيك القدرات الإيرانية النووية والصاروخية وتغيير النظام الحاكم في طهران.


رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرّح علنا بأن إسرائيل تعمل لـ"تحرير الشعب الإيراني"، فيما واصل وزير دفاعه يسرائيل كاتس التهديد باغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي. أما جيورا أيلاند، مستشار الأمن القومي السابق، فاعتبر أن ما جرى قد يُعرف لاحقا بـ"حرب إيران الأولى"، مرجحا أن اندلاع مواجهات جديدة مع إيران يكاد يكون أمرا محسوما.


وفي السياق نفسه، شدد خبراء وباحثون إسرائيليون على أن أي تسوية نووية لا تمنع تخصيب اليورانيوم بشكل كامل لن تكون أكثر من استراحة مؤقتة، معتبرين أن إيران ستسعى لإعادة بناء قدراتها بدعم مالي بعد رفع العقوبات. وذهب راز تسيمت، مدير برنامج أبحاث إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أن الحل الاستراتيجي يكمن في تغيير النظام الإيراني، فيما أكد تامير هايمان، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، أن التهديد لم يختفِ رغم إضعاف إيران عسكريا.


أما سوزان مالوني، نائبة رئيس معهد بروكينغز، فكتبت أن إيران باتت "أضعف وأكثر عزلة من أي وقت خلال العقدين الماضيين"، لكنها لم تُهزم بعد. وتوقع تريتا بارسي، الباحث الأميركي من أصل إيراني، أن الجولة القادمة من الحرب ستكون "أكثر دموية" من معركة الـ12 يوما، مرجحا اندلاعها قبل نهاية العام الجاري.


وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في لقائهما الأخير في تموز 2025 أن إسرائيل لن تسمح بترميم المواقع النووية والصاروخية الإيرانية التي استُهدفت. في المقابل، حذّرت هيئة الأركان الإيرانية من ردّ فتاك، واعتبر علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، أن بلاده تعيش "وضع حرب لكن مع هدنة مؤقتة".


هدفت العملية الإسرائيلية الأخيرة إلى تدمير أجهزة الطرد المركزي ومخزونات اليورانيوم، إضافة إلى تصفية علماء بارزين. كما استهدفت قواعد عسكرية ومنصات صواريخ ومقار أمنية حساسة في طهران، بينها سجن إيفين. ورغم ذلك، لم يظهر النظام الإيراني علامات انهيار داخلي، ما عزز قناعة في تل أبيب بضرورة الاستمرار في الضغوط العسكرية والنفسية والسياسية لإحداث شرخ داخلي.


إسرائيل تعتبر اللحظة الراهنة فرصة لتغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، عبر تجفيف مصادر تمويل الجماعات الموالية لطهران ونزع سلاحها. وترى أن سقوط نظام الأسد في سوريا أضعف محور إيران الإقليمي، فيما يواجه حزب الله تحديات في لبنان والعراق. وتوصي مراكز بحثية إسرائيلية بالجمع بين الوسائل العسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى العمليات السرية لإضعاف النظام الإيراني، مع تحفيز الأقليات والانقسامات الداخلية.


إيران، من جهتها، أعادت تنظيم بيتها الداخلي بتعيين علي لاريجاني في موقع القرار الأمني، وتأسيس "مجلس الدفاع الوطني". كما كثفت اتصالاتها مع روسيا والصين لتأمين دعم عسكري ودبلوماسي، وهددت بتعديل عقيدتها النووية إذا واجهت "تهديدا وجوديا". أولويات طهران تتمثل في الحفاظ على النظام، مواصلة البرنامج النووي كأداة ردع، وتطوير ترسانتها الصاروخية.


لكن إيران تواجه ضغطا مضاعفا، مع تهديد الترويكا الأوروبية بإعادة فرض عقوبات أممية عبر "آلية الزناد"، في حال عدم التوصل إلى اتفاق نووي جديد. وهكذا تجد نفسها بين خيارين أحلاهما مر: التنازل عن مكاسبها أو مواجهة تصعيد جديد يهدد اقتصادها واستقرارها.


تشير التطورات إلى أن المواجهة دخلت مرحلة أكثر تعقيدا. فإيران صمدت أمام الضغوط ولم تتخل عن مشروعها النووي والإقليمي، فيما تصر إسرائيل على ضرورة استغلال اللحظة لإجبار خصمها على التراجع. وبين الطرفين، يبدو أن جولة جديدة من الحرب قد تكون أقرب مما يظن كثيرون، وأكثر دموية من سابقتها، في ظل مشهد إقليمي مرتبك وارتدادات متواصلة لحرب طوفان الأقصى.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة