رغم المناشدات المتكرّرة التي أطلقها "ليبانون ديبايت" في مقالات سابقة، لم يأتِ أي تحرّك جدي من الوزارات والجهات المعنية. وكأن الضحايا ليسوا أبناء هذا الوطن، بل غرباء تُترك معاناتهم وأحزان عائلاتهم من دون التفات أو مسؤولية.
حادثتان في توقيت واحد… ودموع على مارفن
في جديد هذه المآسي، سُجّل مساء أمس الإثنين حادثتا تدهور متزامنتان في كسروان:
في المعيصرة، انقلبت سيارة ما أدى إلى إصابة امرأة حامل، تولّى عناصر الدفاع المدني إسعافها ونقلها إلى مستشفى سان جون لتلقي العلاج.
أما في الكفور، فكان المشهد أكثر فداحة: سقوط قتيل هو الشاب مارفن شربل غانم، ابن العائلة الصغيرة المؤلفة من أب وأم وشقيقة.


مارفن لم يكن مجرد رقم جديد في سجل الحوادث، بل شاباً خلوقاً، محباً، مولعاً بكتابة الشعر، وصفه أصدقاؤه وأهله بـ"الآدمي". مواقع التواصل غصّت بكلمات الوداع المؤثّرة، أبرزها ما كتبه الخوري طوني بو عساف:
"مارفن… لم تكن تلميذاً عابراً ولا رقماً في أوراق ثانوية جونيه الرسمية، بل كنت علامة فارقة في الذكاء والآدمية والتهذيب. اليوم أستودعك بين يدي يسوع ومريم، وأصلي أن يغدق الله على والديك وشقيقتك الصبر والعزاء".
الحزن خيّم على يحشوش وحارة صخر، حيث سيتقبّل الأهل والأصدقاء التعازي، وتُقام الصلاة لراحة نفسه اليوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة بعد الظهر في كنيسة مار سمعان العمودي – يحشوش.
الدولة الغائبة… والضحايا يتساقطون
حادثة مارفن، مثل غيرها، ليست قدراً محتوماً بل نتيجة مباشرة لإهمال رسمي فاضح: غياب الصيانة للطرقات، ضعف الإنارة، انعدام الرقابة المرورية، وغياب استراتيجية وطنية جادة للحد من هذا النزيف اليومي.
اليوم مارفن، وغداً من؟ كم من شاب أو عائلة يجب أن تُفجع كي تتحرك الدولة وتعتبر أن دماء الناس أولوية لا تحتمل التأجيل؟
الأرقام لا تكذب، والمآسي تتكرر، فيما الدولة مستمرة في غيابها وتقصيرها، تاركة اللبنانيين يواجهون مصيرهم على طرقات تحوّلت إلى مصائد موت.