أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، في حوار شامل مع وفد إعلامي عربي، أن دمشق الجديدة "ليست امتداداً للأحزاب الإسلامية، سواء الجهادية أو الإخوان المسلمين"، كما أنها "ليست امتداداً للربيع العربي".
تصريحات الشرع تعكس محاولة لرسم خريطة سياسية واقتصادية جديدة لسوريا، تنأى بنفسها عن أيديولوجيات الماضي وتستند إلى التكامل الإقليمي، خصوصاً مع لبنان والعراق، بهدف إعادة بناء الدولة وإعادتها إلى الساحة الإقليمية والدولية.
مستشار الرئيس للشؤون الإعلامية أحمد موفق زيدان دعا بشكل مباشر تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا إلى حلّ نفسه، معتبراً أن "تنظيماً يرفض التأقلم مع الظروف الداخلية والإقليمية والدولية محكوم عليه بالاندثار، كما حدث مع الديناصورات".
هذه الدعوة تكشف رؤية القيادة السورية بأن استمرار الإسلام السياسي يمثل عبئاً على الدولة ويعيق استعادة الاستقرار.
الشرع شدّد على أن وحدة البلاد "خط أحمر"، رافضاً أي حديث عن انفصال أو محاصصة. ويأتي ذلك رداً على دعوات بعض الشخصيات المحلية، بينها شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري، لإعلان إقليم مستقل في الجنوب.
الباحث فراس النائب رأى أن مواقف الشرع تعبّر عن "براغماتية سياسية واضحة"، خصوصاً تجاه الإسلام السياسي الذي وصفه بأنه "مقتل للعقد الاجتماعي الداخلي والتصالح مع الخارج". وأضاف أن الخروج من عباءة الإسلام السياسي يمثل خطوة أساسية لترتيب البيت الداخلي وتهيئة الأرضية للتسوية مع المحيط العربي والدولي.
الباحثة ميس الكريدي شددت على أن المرحلة الانتقالية يجب أن تركز على عقد مدني ودستوري جديد يهيئ البلاد للانتخابات ويعيد اللاجئين، مؤكدة أن "التحول السياسي الحقيقي لا ينجح من دون مراجعات قانونية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة".
أما التحدي الاقتصادي، فيتمثل في بناء شراكات إقليمية مع العراق ولبنان، وهو ما اعتبره النائب شرطاً لنجاح أي مشروع استقرار داخلي.
الدبلوماسي السابق مسعود معلوف رأى أن الشرع يحاول إرسال إشارات إيجابية إلى الولايات المتحدة بالتخلي عن الجماعات المتطرفة والتأكيد على وحدة سوريا، بهدف تخفيف العقوبات. لكنه تساءل إن كانت هذه مجرد تصريحات أم خطوات قابلة للتطبيق على الأرض، محذراً من محاولات إسرائيل دعم بعض المكونات المحلية لتقويض النظام الجديد.
تبقى تصريحات الشرع مرهونة بالترجمة إلى سياسات ملموسة: تثبيت وحدة سوريا، معالجة المكونات المجتمعية، إدارة العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية، وبناء اقتصاد قادر على مواجهة الضغوط. وبين الطموحات والواقع، يظل الرهان على قدرة دمشق على تحقيق توازن يعيد الاستقرار المستدام ويبعد البلاد عن الانقسامات والتدخلات.