صوّت مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الخميس، بالإجماع على تجديد مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اليونيفيل" في لبنان.
واعتمد المجلس قرارًا يمدد ولاية قوات اليونيفيل للمرة الأخيرة حتى 31 كانون الأول 2026.
وأكد مندوب فرنسا في كلمته أنّ الدولة اللبنانية ستكون وحدها المعنية بالأمن على أراضيها، فيما أشار نائب المندوب الفرنسي إلى أنّ لبنان بدأ بخطوات طموحة في مسار فرض سيادته ونزع سلاح حزب الله، مشددًا على أنّ أي انسحاب مسبق لليونيفيل قد يهدد فرص الجيش في بسط سيطرته.
وتضمن قرار التمديد دعوة إسرائيل إلى سحب قواتها من شمال الخط الأزرق وخمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية، مع دعوة السلطات اللبنانية إلى الانتشار في أي مواقع تخليها إسرائيل، وذلك بدعم من الأمم المتحدة.
من جهته، أكد مندوب الجزائر في مجلس الأمن أنّ استمرار دور اليونيفيل يبقى محوريًا لوقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان.
من جهته اعتبر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون ان قرار مجلس الأمن إنهاء مهمة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل) العام 2027 هو "خبر جيد"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية". وقال دانون "على سبيل التغيير، لدينا خبر جيد من الأمم المتحدة".
وأكد المندوب الدائم للبنان السفير أحمد عرفه خلال جلسة مجلس الأمن انه "لا بد من الإشادة باليونيفيل وتقدير دورها وجهودها في حدود ولايتها، وتضحيات العاملين فيها حاضراً وماضياً لاسيما الشهداء منهم الذين سقطوا خلال أدائهم هذه الرسالة السامية في حفظ الأمن والسلم، ونحي شجاعتهم في الصمود في أصعب الأوقات، والشكر موصول إلى حكومات الدول المشاركة في هذه القوة التي لم تبخل بالتضحية في سبيل تحقيق هذه الأهداف النبيلة عينها."
وقال "لبنان يرحب بقرار المجلس الموقر تمديد ولاية اليونيفيل، ولكن، وأمام واقع التمديد الأخير هذا، يهمنا أن نذكر بالوقائع والحقائق التالية:
أولاً: أن لبنان لا يزال يرى في وجود اليونيفيل حاجة ماسة لتأمين الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة، ريثما يتم التوصل إلى تفاهم سياسي شامل لجميع المسائل العالقة وفقاً للقرار 1701، ودعم بسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها كاملة، بالتوازي مع انسحاب القوة بشكل منتظم وتدريجي يراعي التقدم المحرز في هذا الإطار، وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من جميع الأراضي اللبنانية.
ثانياً: استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان والاستهداف الممنهج للمدنيين والأبرياء وللبنى التحتية فيه، فضلاً عن منع عودة النازحين داخلياً إلى بيوتهم وقراهم وأرزاقهم، علماً أنه ومنذ إعلان وقف الأعمال العدائية في 26 نوفمبر الماضي، فإن الخروقات لهذه الترتيبات ولجميع القرارات الدولية ذات الصلة مصدرها اسرائيل.
ثالثاً: لقد اتخذت الحكومة اللبنانية، على الرغم من حداثة عهدها، عدداً من القرارات الهامة وغير المسبوقة، التي تعكس تطلعات الشعب اللبناني في بسط سلطة الدولة كاملة على جميع الأراضي اللبنانية، وضبط الحدود وحصر السلاح بما في ذلك في المخيمات الفلسطينية، تنفيذاً لاتفاق الطائف والقرار 1701.
رابعاً: ترجمة لقرارات الحكومة ذات الصلة، انتشر الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني بشكل شبه كامل، وما يعوقه من الانتشار كاملاً هو استمرار وجود مناطق محتلة من قبل إسرائيل."
واضاف "أمام هذا الواقع المستجد اليوم، فإن لبنان يرى بأن ساعة الحقيقة قد دنت:
أولا: على هذا المجلس أن يضطلع بمسؤولياته كاملة في حفظ أمن واستقرار لبنان والمنطقة، حتى بعد انتهاء ولاية اليونيفل التي يؤكد لبنان عزمه على التعاون معها خلال ما تبقى لها من وقت، وعلى إحترامه لإتفاقية المقر، وضمان أمن وسلامة البعثة وعناصرها وتسهيل انسحابها المنظم والآمن.
ثانياً: وعلى هذا المجلس والدول الأعضاء فيه، بما عليهم من مسؤولية قانونية ردع إسرائيل عن انتهاكها للسيادة اللبنانية وإعاقتها مسيرة إعادة بناء الدولة كما تراها الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، كما نصت عليه الفقرتين العاملتين الثالثة والرابعة من القرار، والإنسحاب الفوري والكامل وغير المشروط من كافة الأراضي البنانية المحتلة ومن ضمنها المواقع الخمس الحدودية، ورفع ما يسمى بالمناطق العازلة، والإفراج العاجل وغير المشروط عن جميع الأسرى اللبنانيين.
ثالثا: على الدول الضامنة لترتيبات وقف الأعمال العدائية الوفاء بالتزاماتها في هذا الإطار، وإلزام إسرائيل باحترامه كاملا.
رابعا: على المجتمع الدولي مواكبة الجهود الجبارة المبذولة من الحكومة والجيش لبناء دولة سيدة قوية وقادرة، ودعمهما بكل الوسائل المتاحة ودون أي تأخير، لضمان أن يعبر لبنان هذه المرحلة الدقيقة بأمان، بما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي المنشودين.
خامساً: توفير دعم كاف وملموس للجيش اللبناني دون أي تأخير، سواء بشكل ثنائي أم في إطار متعدد الأطراف، لمساعدته على الاضطلاع بمسؤولياته الجسام، إلى جانب المؤسسات الأمنية الأخرى."
واكد على أن لبنان سيستمر بالتطلع إلى منظمة الأمم المتحدة-بكل أجهزتها وفروعها- ومنها هذا المجلس الموقر كشريك موثوق وكممثل محايد ونزيه للشرعية الدولية، ومن هنا، فإن لبنان كان ولا يزال يرى في وجود اليونيفيل ضمانة له وترجمة لمبادئ الميثاق التي تدعو إلى تعزيز لغة السلام والحوار بين الأمم، بدلاً من لغة الحرب وتمجيد القوة العسكرية واللجوء لها لفرض وقائع جديدة، وهي إن حققت بعض المكاسب الآنية، فنحن على يقين أنها لن تحقق السلام المنشود بين الأمم ولا استدامة الأمن والاستقرار.