في هذا الإطار، تناول الكاتب والمحلّل السياسي سركيس أبو زيد في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، أبعاد الجلسة المرتقبة، معتبرًا إياها محطة مفصلية ستحدّد مسار المرحلة المقبلة في لبنان، في ظلّ تراكم الضغوط الداخلية والخارجية وتشابك الحسابات الطائفية والإقليمية. وأشار أبو زيد إلى خطورة الخيارات المطروحة أمام السلطة السياسية، متوقفًا عند السيناريوهات المحتملة، وما يمكن أن يترتب عليها من انعكاسات على الجيش اللبناني وعلى مستقبل الدولة برمّتها.
قال أبو زيد إن الجلسة المقبلة تحظى بأهمية كبيرة، إذ يُراهن عليها الجميع داخليًا وخارجيًا. فهناك تدخلات إقليمية ودولية، كما أن الخارج يترقّب ما ستؤول إليه الأمور. ومع ذلك، يبقى هناك منفذ يتيح المجال لعدد من الحلول، ولا سيما أن رئيس الجمهورية يدرك تمامًا خطورة الوضع.
ورأى أن رئيس الجمهورية قد يسعى إلى بلورة صيغة أو مخرج يساعد على منع انزلاق الأمور نحو خيارات خطيرة لا يتبنّاها أحد. فالمشكلة تكمن في أن أي قرار متسرّع قد يفتح الباب أمام مواجهة مباشرة بين الجيش اللبناني و"حزب الله"، وهو ما يُعدّ خطيرًا للغاية. كما يُطرح التساؤل: هل يُقدِم الجيش اللبناني، بما فيه من ضباط وعناصر، على الدخول في مواجهة مع البيئة الشيعية؟ هذا احتمال يضعه الجميع في الحسبان، لأنه قد يؤدي إلى انشقاقات داخل الجيش، أو إلى تعطيل مؤسسات الدولة، بما يُعيد البلاد إلى أجواء سابقة من الفوضى والانقسام.
وأشار أبو زيد إلى ثلاثة احتمالات مطروحة يوم الجمعة:
تدوير الزوايا وإيجاد حلّ تسووي.
مواجهة داخلية قد تؤدي إلى فتنة أو إلى انقسام الجيش.
فتح المجال أمام إسرائيل والولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية مؤلمة للبنان أو احتلال جزء من أراضيه.
وأضاف: “المسألة الجوهرية تبقى في ما إذا كانت القوى السياسية ستحتكم إلى موازين القوى، أم إلى المصلحة الوطنية والحكمة.”
وتابع قائلًا: “في حال طُرح حلّ، فإن المسألة متروكة لحكمة السياسيين. للأسف، ما زال البعض يُراهن على الخارج، وينظر إلى الأمر من زاوية مصلحة فريقه فقط. لكن لبنان، بتكوينه الفسيفسائي من طوائف وقوى وتيارات، يحتاج إلى حوار وتفاهم. وإن غاب الحوار، قد ينزلق البلد إلى مزيد من الأزمات، وربما إلى التقسيم أو الفوضى. لذلك، فإن هذه الجلسة مفصلية بكل المقاييس.”
وعن موقف الجيش، أوضح أبو زيد أنّ من الطبيعي أن يكون هناك تشدّد في الموقف، لأن عليه رهانات خارجية وطائفية كبيرة. لكن إذا قدّمت قيادة الجيش ووزير الدفاع معطيات واضحة تُظهر أنّ الذهاب نحو خيار معيّن سيؤدي إلى فتنة داخلية أو إلى انشقاق الجيش، فمن حقهما الدفاع عن هذا الموقف. فتنفيذ القرارات الحكومية يبقى مرتبطًا بالإمكانيات والقدرات المتوافرة للجيش، والتي يؤكد كثيرون أنها غير كافية، ما قد يُعرّضه لخطر الانقسامات.
ولفت إلى أنّ المسألة لا تتعلق فقط بالرغبة في التنفيذ، بل بالقدرة على التنفيذ. فالجيش قد يرغب في تطبيق القرارات، لكن إذا لم تتوافر الإمكانيات، فسيكون عاجزًا. حتى رئيس الحكومة نفسه تحدث عن ضرورة اتخاذ القرار بالإجماع، وهي خطوة تعكس رغبته في التراجع بشكل غير مباشر، لأنه من دون إجماع وطني لا يمكن المضيّ بقرار مصيري وخطير.
وأردف: “الإجماع هنا رسالة غير مباشرة بأنني مع إيجاد حلّ، لكن مع الحفاظ على التوازنات والمعادلات. والحكومة حاولت كثيرًا، عبر الأميركيين والاتصالات الدولية، أن تنتزع موقفًا من إسرائيل لوقف التصعيد، لكنها لم تنجح. وبرأيي، موقف نائب رئيس الحكومة يعكس هذا الواقع تمامًا، خصوصًا أنه مقرّب جدًا من رئيس الحكومة وصديق له.”
وختم أبو زيد قائلًا: “أحيانًا، يحاول الإعلام تصوير الرئيس وكأنه يُدفَع باتجاه معيّن، لكن هذا قد لا يكون حقيقة موقفه. فحين يتحدث نائب الرئيس بهذا الشكل، فهو لا يفعل ذلك من تلقاء نفسه، بل ينقل ما لا يستطيع رئيس الحكومة قوله علنًا. وهذا ما يجب الانتباه إليه جيدًا."