اقليمي ودولي

السبت 06 أيلول 2025 - 17:54

تصعيد عسكري رغم التسوية… إسرائيل ترفع السقف في سوريا

تصعيد عسكري رغم التسوية… إسرائيل ترفع السقف في سوريا

بينما تتحدث تقارير عن مفاوضات أمنية بين دمشق وتل أبيب قد تفضي إلى اتفاق يُوقّع في نهاية أيلول الجاري، تكشف التطورات الميدانية مسارًا متناقضًا، إذ كثّفت إسرائيل اعتداءاتها خلال الأسابيع الأخيرة عبر غارات جوية وتوغلات عسكرية داخل الأراضي السورية، أوقعت خسائر بشرية ومادية.


هذا التناقض يثير تساؤلات حول جدّية المسار التفاوضي وحدود تأثيره على القرار العسكري الإسرائيلي: هل تسعى تل أبيب لتحسين شروطها التفاوضية بالقوة، أم أنّ الضربات تحمل رسائل سياسية وأمنية أبعد من الملف السوري نفسه؟


منذ بدء الحديث عن وجود اتصالات سورية – إسرائيلية، سارع الإعلام الرسمي في دمشق إلى النفي، مؤكّدًا في حزيران الماضي أن لا اتصالات مباشرة ولا اتفاقات سرية مع إسرائيل، معتبرًا الحديث عن سلام أو تطبيع "سابقًا لأوانه". لكن التطورات اللاحقة كشفت معطيات مختلفة، إذ التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بوفد إسرائيلي في باريس منتصف آب الماضي، لمناقشة ملفات خفض التصعيد في الجنوب السوري ومراقبة وقف إطلاق النار في السويداء، إضافة إلى إعادة تفعيل اتفاق فك الاشتباك لعام 1974.


كما تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن اتفاق وشيك بوساطة أميركية – خليجية، يتضمن حزمة تنازلات سورية مقابل مساعدات وإعمار، بينما أشارت صحف عبرية مثل يديعوت أحرونوت وتايمز أوف إسرائيل إلى جهود تقودها أطراف ثالثة، بينها الإمارات والولايات المتحدة، لإدخال سوريا في مسار "اتفاقيات أبراهام". لكن الرئيس السوري أحمد الشرع أوضح أن التفاوض يتركّز على إحياء اتفاق 1974، مع إمكانية بحث ترتيبات أمنية تخص الجنوب السوري، مؤكدًا أن الحديث عن تطبيع أو اتفاق سلام غير وارد في المرحلة الحالية.


رغم هذه الأجواء، شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق، بلغ ذروته بعملية إنزال في منطقة الكسوة بريف دمشق شاركت فيها 4 مروحيات وعشرات الجنود، سبقتها غارة بمسيّرات على جبل المانع أدت إلى مقتل 6 جنود سوريين. كما كثّف الجيش الإسرائيلي عملياته في ريف القنيطرة، بينها دهم واعتقال مدنيين، كان آخرها توقيف 7 شبان في بلدة جباتا الخشب في 3 أيلول.


يرى مراقبون أن تل أبيب لا تسعى إلى تسوية متوازنة بل إلى فرض معادلة إذعان على سوريا الخارجة من حرب طويلة والواقعة في مرحلة انتقالية حساسة. الباحث الفلسطيني إبراهيم المدهون قال للجزيرة نت إن إسرائيل تريد تثبيت معادلة الردع والتخويف، وتبعث برسالة مفادها أنّ أي مشروع سياسي أو عسكري يُعتبر تهديدًا سيواجه بالنار فورًا.


ويتقاطع هذا الطرح مع رؤية الباحث خالد خليل الذي اعتبر أن الاعتداءات تعكس سقفًا مرتفعًا لتوقعات إسرائيل، التي تريد اتفاقيات خضوع لا تسويات سياسية، مستغلة هشاشة الوضع السوري لتثبيت وقائع ميدانية جديدة، بما فيها مشاريع تقسيم وفوضى.


لا ينفصل التصعيد في سوريا عن الأزمات الداخلية التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفًا. فنتنياهو مطالب ابتداءً من تشرين الثاني المقبل بحضور ثلاث جلسات استجواب أسبوعيًا في قضايا فساد، فيما كشفت صحيفة ذا ماركر في تموز الماضي عن تفشٍ واسع للفساد داخل الائتلاف الحاكم. ويرى محللون أنّ نتنياهو اعتاد الهروب من أزماته الداخلية عبر تصديرها للخارج وتوظيف التصعيد العسكري لتشتيت الانتباه.

وعقدة الأمن الوجودي


يصف خبراء الاستراتيجية إسرائيل بأنها "دولة أمنية بامتياز"، تسعى بعد صدمة 7 تشرين الأول 2023 إلى إعادة تعريف عقيدتها العسكرية. دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي خلصت إلى أن تل أبيب لم تعد تكتفي بإدارة الصراع، بل تريد فرض بيئة إقليمية تضمن تفوقها المطلق. في السياق ذاته، حذّر العميد عبد الله الأسعد من أن إسرائيل وضعت "الخطر الوجودي" في صدارة أولوياتها، ولذلك تكثّف عملياتها الاستباقية في سوريا ولبنان.


في المقابل، صعّد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير خطابه بدعوته علنًا إلى اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع، في موقف عكس نهج الحكومة الإسرائيلية المتشددة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة