فرضت السلطات المحلية في إسطنبول حظراً شاملاً على المظاهرات والتجمعات العامة في 6 أقضية من المدينة حتى 10 أيلول، وذلك في ظل أزمة داخلية غير مسبوقة يعيشها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية.
القرار أتى مع استعداد النائب السابق غورسل تكين، على رأس لجنة مؤقتة عيّنتها المحكمة، لتولي إدارة فرع الحزب في المدينة، في وقت ترفض فيه القيادة السابقة للحزب هذه الخطوة وتدعو أنصارها إلى التظاهر.
الخطوة التصعيدية جاءت بعد قرار محكمة مدنية في 2 أيلول إلغاء نتائج مؤتمر الحزب الذي عُقد في تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن انتخاب أوزغور تشيليك رئيساً لفرع إسطنبول.
المحكمة بررت قرارها بوجود مخالفات انتخابية ورشى مالية، ما أدى إلى إقالة تشيليك وإدارته، وتكليف تكين بتشكيل لجنة انتقالية. هذه الخطوة فجّرت خلافات حادة داخل الحزب، إذ أعلن زعيمه أوزغور أوزال فصل تكين من صفوفه لقبوله بقرار المحكمة.
وفيما شدد وزير الداخلية علي يرلي كايا على أن الدولة "لن تسمح بتحويل الشوارع إلى ساحة استفزاز، وأن لا أحد فوق القانون"، أكد والي إسطنبول داوود غُل أن اللجنة المؤقتة تتمتع بكامل الصلاحيات، محذراً من عقوبات قانونية ضد أي طرف يحاول تعطيل عملها.
من جهته، اعتبر تشيليك، المُبعد بقرار المحكمة، أن مقر الحزب "بيت الشعب"، مشدداً على أن دخول الأعضاء إليه "حق طبيعي". بينما تحدث نائب رئيس الكتلة البرلمانية، علي ماهر باشارير، عن أن الشرطة "طوقت المبنى ومنعت الدخول والخروج"، واصفاً المشهد بأنه "انقلاب كامل".
ويعيش مقر الحزب في إسطنبول أجواء توتر متصاعد مع اقتراب تكين من دخوله برفقة اللجنة المؤقتة، وسط انتشار أمني كثيف.
وتعود جذور الخلافات إلى المؤتمر الملغى، الذي شهد منافسة حادة بين تشيليك، المدعوم من رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وخصمه جمال جان بولات، الذي حظي بدعم غير مباشر من زعيم الحزب السابق كمال كليتشدار أوغلو.
هذا الانقسام يعكس عمق الشرخ داخل الحزب بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أيار 2023، والتي أطاحت بكليتشدار أوغلو من قيادة المعارضة.
ويعتبر مراقبون أن الأزمة الحالية ليست مجرد نزاع داخلي على رئاسة فرع إسطنبول، بل جزء من صراع أكبر حول هوية الحزب وتوجهه المستقبلي، خصوصاً أن فرع إسطنبول يُعد الأهم داخل الحزب بحكم ثقل المدينة الانتخابي والرمزي.