رغم التحديات المتصاعدة والتوترات الأمنية المستمرة، تتسارع دمشق نحو استكمال التحضيرات لإجراء انتخابات تشريعية هي الأولى منذ سقوط نظام الأسد، في خطوة تعتبرها السلطات السورية محطة أساسية لملء الفراغ التشريعي واستعادة الثقة مع المواطنين والمجتمع الدولي.
إلا أنّ التساؤلات تتزايد حول ما إذا كانت هذه الانتخابات قادرة على أن تمثل مدخلاً لانتقال سياسي شامل.
بدأت اللجان الفرعية في مختلف المناطق عملها باختيار أعضاء الهيئات الناخبة، ضمن آلية غير مباشرة ستؤدي إلى تسمية 3 أعضاء في مجلس الشعب، على أن ترفع الأسماء إلى اللجنة العليا للانتخابات لإقرارها وفتح باب الطعون.
المتحدث باسم اللجنة العليا، نوار نجمة، أوضح أنّ النزاهة والكفاءة والشفافية هي معايير أساسية لعمل اللجان، مشدداً على أن المرسوم الرئاسي المنظم للاستحقاق الانتخابي يستثني فقط المتورطين في الانتهاكات والجرائم خلال الثورة السورية، بينما يتيح المشاركة لبقية المواطنين، بمن فيهم الموظفون وأصحاب الرأي المخالف.
أقرّ نجمة بأن العملية لن تشمل السويداء والرقة والحسكة، بسبب سيطرة قوى مسلحة على هذه المناطق، مؤكداً أنّ المسؤولية تقع على تلك القوى، فيما تبقى المقاعد شاغرة لحين استقرار الأوضاع.
في ظل التعقيدات الديموغرافية واللوجستية، مثل ملايين النازحين واللاجئين وغياب الأوراق الثبوتية، تم اللجوء إلى نظام الهيئات الناخبة لتقليص فرص التزوير والمال السياسي، عبر لجان تشاورية ولجان طعون تتيح الاعتراض على الأسماء.
وقال نجمة: "نريد أن تعطي هذه الهيئات الانطباع بأنها تمثل المجتمع السوري فعلاً، حتى لو لم يكن التصويت المباشر ممكناً".
وأشار نجمة إلى أن العمل السياسي لم يعد مرتبطاً بالسلطة كما كان خلال العقود الستة الماضية، مؤكداً أنّ الحرية السياسية مفتوحة أمام المؤيدين والمعارضين وأصحاب المواقف الوسطية.
ولفت إلى أنّ الحكومة الحالية تستند إلى "شرعية ثورية" وتخوض مرحلة بناء مؤسسات مع انفتاح تدريجي على مكونات المجتمع، بما فيها شخصيات قدمت من مناطق المعارضة.
أكد نجمة أن الهيئات الناخبة ستُشكّل بما يعكس التنوع الديني والعرقي والمهني لكل منطقة، لتكون نموذجاً مصغراً عن المجتمع، فيما يظل البرلمان هو الإطار الحقيقي للتعددية السياسية.
وقال: "البرلمان هو التحدي الأكبر، وهناك سنرى إن كانت سوريا ستُختصر بلون واحد أو تعكس تنوعها الكامل".
ترى اللجنة العليا أن هذه الانتخابات مرحلة انتقالية تمتد لنحو 30 شهراً، يُفترض أن تفضي إلى قانون انتخابي جديد وانتخابات مباشرة أكثر تمثيلية.
ومع ذلك، تبقى العملية الحالية محدودة النطاق، خاصة في المحافظات الخارجة عن السيطرة، ما يجعلها خطوة رمزية لإعادة بناء المؤسسات واستعادة الثقة، لكنها لا تكفي لإرساء انتقال سياسي شامل في المدى القريب.