المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الجمعة 12 أيلول 2025 - 07:34 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

دمشق تبحث في بيروت عن معلومات حول حزب الله

دمشق تبحث في بيروت عن معلومات حول حزب الله

"ليبانون ديبايت"-عبدالله قمح

يفترض بدولة مثل سوريا، خارجة للتو من حرب مدمّرة، أن تنشغل بإعادة هيكلة اقتصادها، والبحث عن السبل المثالية لإعمار ما تهدّم، وتأمين عودة النازحين، وتسجيل مئات الآلاف من الولادات خارج البلاد. كما يُفترض أن يتركّز جهد النظام الجديد على إعادة الأمن وهيكلة الجيش والشرطة، وبناء مؤسسات الدولة، لا على التنكيل بالمواطنين وترهيب الطوائف والمكونات أو الاستمرار في تمزيق المجتمع. ومن الطبيعي أن تهتم سوريا بشؤونها الداخلية، لا أن تنغمس في هموم الآخرين وتدخل في تفاصيلهم اليومية. كما يُفترض بهذا النظام، إذ ما كان جاداً في التطور، أن يتعلّم من “إنجازات” سلفه وأخطائه، لا أن يستنسخ تجربته بكل سلبياتها ويُسقطها على علاقاته المستجدّة مع لبنان، خصوصاً في ما يتصل بالتدخل في شؤونه الداخلية وفتح الأبواب أمام بعض اللبنانيين الصغار من الحاقدين والتافهين. والأهم ألا يُكرّس جهده في تتبّع أخبار حزب الله أو مراقبة وضعية الطائفة الشيعية في لبنان، بينما التحديات الكبرى أمامه في الداخل السوري.


الرئيس السوري للفترة الانتقالية، أحمد الشرع، الذي قال قبل أسابيع قليلة إنه "يريد فتح صفحة جديدة مع لبنان بعيداً عن منطق التحكم والسيطرة"، فتح ويفتح أبواب دمشق أمام التدخل في الشأن اللبناني. فيستقبل وهو وأركان نظامه من ساسة ورجال أمن بعيداً عن الإعلام شخصيات ووفود لبنانية، تغريه بأن غالبية اللبنانيين يؤيدونه ويريدون منه التأثير في المشهد اللبناني!


الشرع الذي لمح خلال كلمته تلك إلى أنّ كان من “حق السوريين” الرد على حزب الله بسبب ما اعتبره “اعتداءات” سابقة، “تكرّم” بعدم الذهاب في هذا الاتجاه “الذي قد يرحّب به قسم من اللبنانيين” حسب قوله. والشرع صاحب المكرمات غلّف كلامه بتهديد واضح ومبطّن إلى الحزب بصلاحية مفتوحة يتناسى ما فعله هو وجماعته في لبنان حينما كانوا مطلقين لحاهم من عمليات قتل وإعدام بحق مواطنين لبنانيين وعسكريين، وكيف كانوا يرسلون الإنتحاريين والمفخخات لهذا البلد إنطلاقاً من يبرود وجرود عرسال.


والشرع نفسه الذي يزعم أنه يريد الدخول "من الباب"، أرسل إلى بيروت وفداً من وزارة الخارجية يضم ثلاثة من شرعيي جبهة النصرة سابقاً، ومن الوزراء السابقين لحكومة "هيئة تحرير الشام" لاحقاً ومن المقربين جداً لوزير الخارجية أسعد الشبياني الآن، ضمّ محمد طه الأحمد (مدير الشؤون العربية في الوزارة ووزير سابق)، محمد يعقوب العمر (وزير سابق)، ومحمد رضا منذر الجلخي (رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين)، تحت عنوان البحث مع الجانب اللبناني في ملف إطلاق سراح موقوفين إسلاميين، وعلى رأسهم الشيخ أحمد الأسير.


لكن، وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الوفد خرج عن مهمته المعلنة، أو استغلها لتنفيذ أجندة أخرى مرتبطة بتتبّع وضعية حزب الله في لبنان بعد الحرب الإسرائيلية التي شنت عليه العام الماضي. إذ حمل الوفد معه من دمشق قائمة بأسئلة جاهزة، وطرحها على من التقاهم في بيروت، مركّزاً على حجم الأضرار التي أصابت الحز ومدى تأثيرها عليه. وقد ركز الوفد على فهم النسبة المأوية للضرر، وطبيعته، وهل لمس عمق قوة حزب الله لوجستياً وتنظيمياً، أم أنه إقتصر على البعد اللوجستي. وسأل الوفد عما إذا كان في مقدور حزب الله التعافي، وما مدى قدرته على العودة في قوته إلى سابق عهده، وهل ذلك متوفراً أصلاً.


ايضاً، سأل الوفد عن طبيعة حضور حزب الله ضمن التركيبة اللبنانية في الوقت الحالي. وبدا لافتاً سؤاله في أكثر من لقاء حول ما إذا كان الحزب ما زال "مسيطراً" على الدولة اللبنانية أو يهيمن عليها. وسأل حول مدى تأثيره السياسي في ضوء التغييرات الحالية، وهل تأثر على نحوٍ كامل ومؤثر أم أن التأثير محدود. سأل الوفد ايضاً حول قدرات حزب الله المالية، وعن حضور مؤسساته في الداخل اللبناني، وهل ما زال في إمكانه توفير التغطية كما كان في السابق. كذلك سأل حول إحتمال قيام الحزب في تغطية ضباط أو مسؤولين من النظام السابق، وهل الدولة اللبنانيين تمتلك معلومات حول ذلك. وإذا كانت كذلك فكيف تتصرف.


إحدى أبرز إهتمامات الوفد كان في تقصي الحقائق والمعلومات حول البيئة الشيعية، تحديداً بيئة حزب الله، والبيئات اللبنانية الاخرى المتحالفة معه. في الشق الاخير سأل عما إذا كان حزب الله ما زال يتمتع بإحتضان لبناني وطالت الأسئلة أيضاً علاقاته مع الطوائف الأخرى، ولا سيما السنّة، وهل تأثرت العلاقات بعد التغيرات العسكرية والسياسية في لبنان، وإلى أي مدى ما زال الحزب يتمتع بحلفاء -خاصة لدى السنة- وحجم تأثرهم. سأل الوفد ايضاً وبشكل دقيق حول وضعية الشيعة عموماً، وهل تأثروا بتأثر حزب الله من جراء الحرب، وهل أن الشيعة في لبنان يوفرون التغيطة الكاملة للحزب سياسياً أم أن هناك وجهات نظر أخرى. كذلك سأل الوفد حول بيئة الحزب اللصيقة، وهل ما زالت تأيده، وما نسبة هذا التأييد، وأين تنحصر مناطق الثقل الاساسية للحزب، وهل ما زال الحزب يوفر خدمات وتقدمات لهذه البيئة؟ ما هي حدودها، وما مدى تأثر البيئة إقتصادياً جراء ذلك سلباً وإيجاباً، وهل يمتلك الحزب قدرة على إعادة الإعمار وهل يستطيع "لم" بيئته من حوله؟


عدد كبير من الأسئلة طرحها الوفد، في ما بدا وكأنه دراسة شاملة لوضع الحزب وبيئته بعد الحرب. وتشير المعلومات إلى أن هذه الأسئلة لا تقتصر على من التقاهم الوفد في بيروت، بل طُرحت بصيغ مشابهة على لبنانيين يزورون دمشق، ما يعكس اهتمام السلطات السورية الجديدة بتقصّي وضعية حزب الله وقياس مدى تأثره بالحرب الأخيرة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة