"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
من الثابت، وحتى اللحظة الراهنة على الأقل، أن قانون انتخاب العام 2017، والذي خضع لبعض التعديل في العام 2021، هو النافذ اليوم، وستجري على أساسه الإنتخابات النيابية في العام المقبل، في ظل الضبابية التي لا تزال تحيط بتوقيت الجلسة التشريعية التي ستحسم مصير التعديلات المقترحة على هذا القانون، والتي ألقتها الحكومة على عاتق المجلس النيابي.
وإذا كان محسوماً أن الإستحقاق الإنتخابي في موعده الدستوري، وفق ما يعلن رئيس الجمهورية جوزيف عون، ويؤكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فإن المعركة ستحتدم حول صيغة قانون الإنتخاب، والتي باتت على طاولة القوى السياسية كافةً، بحيث تراجع اهتمامها بكل الملفات على قاعدة أن لا صوت يعلو على صوت معركة الإنتخابات والنفوذ في البرلمان المقبل.
إنما، من اللافت، وخلافاً لما درجت عليه العادة، غياب الإصطفافات السياسية على خلفية اقتراحات التعديل، أو حتى مشاريع القوانين المطروحة، كما أن حلفاء الأمس قد يتحوّلون خصوماً فيما المنافسة تحتدم داخل الطائفة الواحدة. وعليه، فإن احتمال تكرار مشهد 2022، يضغط بقوة على النقاش الداخلي حول القانون، حتى أن "الكباش" السياسي حول تعديلات قانون الإنتخاب، بات يطغى على كل ما عداه من عناوين وأزمات، بعدما أطاح بوعد الحكومة بإنجاز قانون انتخابٍ عصري.
بعيداً عن الأضواء، ترتسم معادلات سياسية جديدة، تُسابق في أبعادها معادلات الإنقسام حول "حصرية السلاح" والإصلاحات "على أنواعها"، أو حتى عملية إعادة الإعمار. ومنذ اليوم، تُستخدم كل هذه المعادلات من أجل حصد التأييد ولو باكراً، في الإستحقاق الإنتخابي النيابي، والذي سيتحوّل إلى محطة لتصفية الحسابات وتحديد الأحجام في المرحلة المقبلة.
وفي الوقت الذي "غسلت" فيه الحكومة يدها من التعديلات المطروحة على قانون الإنتخاب، تستعد أكثر من جهة سياسية لتفعيل وتركيز حراكها وضغطها باتجاه الإضاءة على الثغرات التي يتضمنها القانون الحالي، إعتقاداً منها بأنه لا يتماهى مع ظروف المرحلة، حيث أن بعض بنوده قد وضعت من أجل أن يتم تطبيقها لمرة واحدة.
إلاّ أن تحقيق الإصلاح، وهو ما طالب به أكثر من 65 نائباً، تقدّموا باقتراح معجّل مكرّر لتعديل القانون، يصطدم بسدٍّ منيع من قبل القوى التي وضعت صيغة القانون النافذ اليوم، وحقّقت مكاسب نيابية وسياسية وما زالت، وهي تعتبر نتائج الإنتخابات البلدية كدلالةٍ على نفوذها وحجم التأييد الشعبي لها.
ومن البديهي أن لا تتهاون هذه القوى مع أي محاولة لتحجيمها أو الحدّ من نفوذها في البرلمان، قياساً على ما شهدته الساحة الداخلية من تحوّلات، وما يحصل في المنطقة من انقلابٍ في موازين القوى، وذلك على إيقاع الحروب الإسرائيلية على أكثر من جبهة.
بالنتيجة، فإن المطلعين على بواطن الأمور، باتوا يدركون أن "ما كُتِب قد كُتِب" على مستوى القانون، فيما الحكومة ستكتفي بتحديد الآليات التنفيذية وتنظيم الإنتخابات في مواعيدها الدستورية. وعند هذا الحدّ، يبقى على القوى المعترضة على القانون النافذ، أن تعمل منذ اليوم، وبالتوازي مع مساعيها في البرلمان، أن تباشر وضع الخطط التي تؤمّن حق اللبنانيين في الخارج بالإقتراع، ولو اقتضى ذلك تأمين انتقالهم إلى لبنان للمشاركة في الإنتخابات النيابية في أيار 2026.