اقليمي ودولي

العربية
السبت 20 أيلول 2025 - 16:35 العربية
العربية

من الذكريات إلى النسخ الافتراضية... جدل حول "الرحيل الرقمي"

من الذكريات إلى النسخ الافتراضية... جدل حول "الرحيل الرقمي"

أثار اتجاه "الرحيل الرقمي" جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والاجتماعية، بعدما بدأت شركات ناشئة عالمية في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخ رقمية تحاكي أصوات وصور وتصرفات المتوفين، بهدف إبقاء التواصل مع أحبائهم بعد الوفاة.


وقال الدكتور محمد محسن رمضان، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في مركز العرب للأبحاث والدراسات لـ"العربية.نت"، إن هذه الظاهرة تعكس تحولاً جوهرياً في استخدام الذكاء الاصطناعي، من كونه أداة إنتاجية إلى مجال يلامس المشاعر الإنسانية العميقة كالفقد والحزن.


وأشار إلى ظهور شركات مثل HereAfter AI (في الولايات المتحدة) التي تخزن تفاصيل دقيقة وصوت الشخص لإنشاء نسخة رقمية تفاعلية بعد وفاته، وDeepBrain AI (في كوريا الجنوبية) التي تستخدم تقنيات "التزييف العميق" لإنتاج صور وفيديوهات تحاكي المتوفى.


كما أشار إلى تطبيقات مثل Replika AI وProject December التي تتيح محادثات نصية توليدية تعيد تشكيل شخصية الراحل رقمياً.


وأوضح أن هذه التطبيقات، رغم اعتبارها وسيلة لتخفيف الألم، تطرح تحديات أمنية وتقنية وقانونية. من أبرزها خطر استغلال النسخ الرقمية في الابتزاز أو الاحتيال، إلى جانب غياب تشريعات واضحة تحمي "الهوية الرقمية" بعد الوفاة.


كما حذر من انعكاسات اجتماعية ونفسية قد تعيق التكيف مع الفقد وتؤدي إلى العزلة والعيش في واقع افتراضي زائف، فضلاً عن إشكاليات أخلاقية ودينية ترتبط بمفهوم الموت كخاتمة للحياة.


واختتم الدكتور رمضان بالقول إن هذه الظاهرة لا تعيد الموتى فعلياً، بل تنشئ محاكاة اصطناعية قد تتطور إلى صناعة تجارية ضخمة، لكنها تحمل في الوقت ذاته تهديدات للأمن الرقمي والهوية الإنسانية، ما يجعل من الضروري وضع أطر تشريعية وأخلاقية واضحة.


من جانبه، صرّح مفتي الديار المصرية الأسبق الدكتور نصر فريد واصل لـ"العربية.نت" بأن دخول الذكاء الاصطناعي في قضايا الحياة والموت يمثل إشكالية كبيرة.


وأوضح أن الموت من الأمور الغيبية، وأن الشخص المتوفى ينقطع عمله بالدنيا، مؤكداً أن هذه المحاكاة "لا يعتد بها شرعياً"، خاصة فيما يتعلق بالحقوق والميراث.


وحذّر من أن هذه التطبيقات قد تثير مشاكل اجتماعية، كأن تصدر عن النسخ الافتراضية معلومات غير صحيحة عن مستحقات مالية أو حقوق، ما يؤدي إلى نزاعات أسرية. وخَلُص إلى أن "محاكاة الموتى غير جائزة شرعاً لأن سلبياتها تفوق إيجابياتها".


بدوره، اعتبر استشاري الصحة النفسية الدكتور وليد هندي أن فكرة "إحياء الموتى رقمياً" تستدر مشاعر الحنين والشجن. وأوضح أنها قد تخلق حالة من "النوستالجيا" التي توفر هروباً مؤقتاً من الواقع وتسمح باستذكار ذكريات طيبة، لافتاً إلى إمكانية أن تكون مفيدة في استعادة تجارب فنية أو تعليمية مع شخصيات تاريخية أو فنانين قدامى.


لكنّه حذّر من أن استخدامها مع الأقارب الراحلين قد يفاقم الحزن، ويجدد الجراح النفسية، وربما يولّد أوهاماً وتهيؤات بوجود المتوفى.


وأضاف أن بعض الأشخاص قد يعانون من قلق وجودي يصل إلى "متلازمة القلب المنكسر" أو أعراض شبيهة بجلطة قلبية، نتيجة استحضار لحظة الفقد. وأكد أن السلبيات النفسية لهذه الظاهرة تفوق إيجابياتها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة